حل الإشكال في ما أطلق من إسم على فندق التركي :
فنذق التركي أو فنذق الرشدي :
عرفته الخرائط الوقتية بفنذق سيدي الرشدي .و استنذ الإطلاق عليه بإسم التركي أي بماكان مكتوبا على بطاقة بريدية بفنذق التوركو .و على هاته الصورة بنيت قصور من الرمال و اعتبرت هاته البطاقة ( انظر الصورة المرفقة ) وثيقة دامغة لإسم فنذق الرشدي أنه فنذق التركي .
إذا كانت هاته البطاقة المطبوعة باللغة اللغة الإسبانية أطلقت تسمية فنذق التركي على فنذق سيدي الرشدي الذي تحول إلى مقر بنك المغرب سنة 1907 م فلاشك أن هاته التسمية التي على البطاقة البريدية لم تأتي عبثا أو من فراغ .و كنت أول الأمر اعتقدت و جال في خاطري أن تسمية فنذق التركي جاءت بسبب وجود المقر الرئيس للأحباس بطنجة بذات البناية ( بالضبط حيث اليوم يوجد البقال في ذات البناية المشار إليها ) .و ذهب اعتقادي إلى تميز النظار الأحباس و مساعديهم بلبسهم للطربوش التركي .و الحقيقة أن ظهور الطربوش التركي أو الطربوش الوطني ما ظهر في المغرب و في طنجة إلا بعد سنة 1930 حيث بدأ يرمز إلى الوطنية و كان نوع الطربوش المستعمل في طنجة هو الطربوش طاسا و هو الذي يوجد في تونس و الجزائر و ليبيا .فمن أين إذن أتت هاته التسمية لفنذق التركي التي عوضت كلمة فنذق الرشدي ؟؟؟
البعد الإستشراقي و الخلط في المصطلح :
لعل ما يثير الإهتمام و يخطف الأنظار ما جاء في التوطئة من كتاب حبوس طنجة الجزء 23 من مجلة الدخائر المغربية التي كانت تديرها اللجنة العلمية الفرنسية بطنجة حيث ورد :
Il a paru d'autant plus intéressant de le publier in extenso qu'en dehors des travaux de l'administration du Turkestan, il·n'existait pas encore de textes documentaires de cet ordre.
و هنا أسطر جيدا على كلمة توركستان .. و هي كلمة غريبة و لا تستعمل إلا في الشرق خاصة في مصر و تركيا بينما في المغرب نستعمل كلمة نظارة الأحباس أو الأوقاف .
و لابد قبل المضي في البحث عن الأصول و السبب الذي حتم إقحام كلمة إدارة التركستان في نص مغربي يجب أن اذكر أن كتاب حبوس طنجة نشر أول مرة سنة 1914 م و البطاقة التي كتب عليها فنذق التركي عليها تاريخ 1918 و نشرتها مجلة مرويكوس سنة 1919 م
فلو أخذت هاته الكلمة من هذا النص و توقفت فلن تنجلي الحقيقة و لن تستطيع معرفة كيف أقحمت هاته الكلمة ..
في ذات المجلة أي الدخائر المغربية في عددها الثاني ..سنعرف كيف دخلت هاته الكلمة التركستان إلى المغرب و بالضبط في طنجة .لنرى ماقاله جورج سلمون حول ظهير القنطرة :
On appelle dahir , c est un ordre émané du sultan,
accordant une faveur quelconque à un solliciteur, une
propriété sultanienne, les revenus d'une zâouya, une
exemption d'impôts ou de taxes; c'est l'équivalent du
persan firman. Les faveurs accordées par le dhaher ne
s'appliquent qu'au bénéficiaire.
هنا سيتضح أن الكاتب استعان في فقرته بمصطلح شرقي وهو فرمان أي قرار سلطاني ملزم .
السبب في دخول المصطلح الشرقي في الكتابة التاريخية للبعثة العلمية الفرنسية :هو أن البعثة في بداية اشتغالها وخاصة بين سنة 1903 و نهاية سنة 1905 استعانت بالمستشرق الفرنسي ج.سلمون و هذا ما سيظهر في العدد 1 و 2 و23 من مجلة الدخائر الذي صدر سنة 1914 .و ج .سلمون من كبار المستشرقين الفرنسييين وقد توفي سنة 1906 .وكان في البداية قد استقر في مصر قبل انتقاله نحو طنجة سنة 1903 م مما يدل بروز تأثره بالمصطلحات الشرقية و خاصة التقنية منها و التي كانت باللغة التركية . وهو الأمرالجوهري الذي جعله يكتب في مقدمة حبوس طنجة وصف إدارة الأوقاف ب إدارة تركستان ..و من ثم التقم الإسبانيون الكلمة و سموا بها فنذق الرشدي بالفنذق التركي.