الاثنين، 16 فبراير 2015

غسيل الدماغ ..تزوير التاريخ و سرقة الهوية للسيطرة عليك

هو مبدأ قديم تبناه نيكولو مكيافيللي المنظر في الفكر السياسي في أوروبا القرن السادس عشر .و من بين تنظيراته ( انس شعبا تاريخه تسيطر عليه ) ..وحتى لا نتيه في جدلية التنظير سنقف اليوم أمام صحة هاته النظرية و تطابقها في الواقع العام لطنجة من نهاية القرن التاسع عشر حتى النصف الأول من القرن العشرين ..على الأرض دونما الركون إلى تزوير الوثائق و مصادر المعلومات التي يتقنها الغربيون منذ القديم ..و أبدأ اليوم من حيث انتهيت في الموضوع السابق من موضوع خروج البريطانيون من طنجة سنة 1684 م وإن كنت قد تتبعت جيدا الموضوع السابق فلا شك أنني قد أشرت إلى أماكن محددة كان الربيطانيون يسيطرون عليها و بخسارتها تم التضييق عليهم فلم يجدوا مفرا سوى البحر فارين صاغرين ..و و لا بأس أن نتذكر هاته الأماكن  :
  قبة السلاطين 2- مرشان 3- جنوب شرق طنجة لبرج إيرش تاور 4- جهة وادي الحلق حتى الغندوري ..و اعتبرت هاته الأماكن هي الجزء الدفاعي لطنجة خارج   الأسوار
فماذا فعل البريطانيون عندما جاءتهم الفرصة بعد سنة 1880 في طنجة من أجل استرجاع ذاكرتهم في مقابل أن ينسى أهل البلدة تلكم الأماكن من ذاكرتهم الشعبية و يمحوا من ذاكرة الأجيال تلكم الأيام المجيدة : دشنت تلكم العملية ببناء القنصلية البريطانية في المحل المسمى بقبة السلاطين سنة 1892 ..و كان قبلها تم السيطرة على أرض أسفل قبة السلاطين من طرف الكنيسية الأنجليكانكية ..و بعد ذلك بقليل بنى الصحفي البريء والتر هاريس داره بالقرب من قلعة الخضير غيلان في آخر حدود فحص طنجة .كما بنى أيضا سقايته بباب العسا.و بعيد ذالك التاريخ تم بناء سقاية سكوت بمرشان و بعدها تم بناء سقاية الجوطية سنة 1928 ثم في سنة 1930 تم بناء فنذق المنزه في الأجزاء الدفاعية البريطانية دونما أن ننسى ما قام به الإنجليزي والر ببناء فنذق الشجرة و السيطرة بالشراء على فنذق الرياحي ..كما لا أنسى بناء رياض الإنجليز بداية سنة 1932 بقبة السلاطين أيضا و سبحان الله كل هاته الأشياء هي محض صدفة ...هذا من الجانب الربيطاني أما إسبانيا فكانت ذاكرتها أقوى خاصة عندما استقوت على المغرب باتفاقية الصلح لحرب تطوان سنة 1860 م و أول شيء فعلته إسبانيا هي بناء قنصليتها في طريق بوعراقية ملاصقة للحدادين اليوم و قد سبق و أن ذكرت أن وراء تلك المحلات ووراء القنصلية الإسبانية كانت مقبرة شهداء طنجة الذين قتلوا في معركة التحرير الأولى لسنة 1680 و كان قد دفن فيها القائد علي بن عبدالله الحمامي الريفي سنة 1713 وكانت وفاته طبقا للوثائق الإسبانية أنه أصيب مرتين في حصاره على سبتة المحتلة حيث فقد إحدى ساقيه إثر لغم في معركة 1704 و أصيب بطلق ناري من مكحلة في معركة سنة 1713 م و قد نقل نحو طنجة و بها توفي في 29 شعبان ..ضاقت الدنيا حي لم تجد إسبايا مكانا لقنصليتها في طنجة إلا أن تكون ملاصقة لمقبرة الشهداء القديمة .. و بعد الإحتلال الفرنسي سنة 1912 كان أول شيء تمت تصفيته هي الأبراج الدفاعية لطنجة سنة 1915 حيث تم نقل مدافع برج التحية نحو المنذوبية لتخزينها و تحويل البرج لفضاء قبل تفويته لفنذق الكونتنتال كما تم تحويل برج دار البارود لمشفى و برج دار الدباغ إلى مستوصف و المعنى و تحويل برج النحام إلى دار فروجان و توزيع الحريرة و الخبز و كان قد سبقهم الباشا عبدالسلام لتحويل قلعة علي بن عبدالله إلى إسطبل للحمير و الهدف من هذا كله أن ينسوك مضامين هاته الأمكنة و أهميتها و دورها في تاريخ البلدة حيث اليوم لا يعرف من اسم قبة السلاطين إلا المثقفون المتتبعون أما أغلب الناس يسمونها رياض الإنجليز و قصبة غيلان بفيلا هاريس أما الأبراج فحدث و لا حرج ...إن العمل الكولونيالي الإستعماري لم يكن فقط بقوة السلاح بل من أجل تسهيل هاته العملية تظافرت جهود علماء علم الإجتماع و التاريخ و الجواسيس و العملاء من أجل بسط السيطرة و تحقيق أهدافها على المدى الطويل يمتد إلى أجيال متلاحقة ...
J’aime ·