لاشك أن هذا الإسم يثير نوعا من الفضول لدى أهالي طنجة .و حومة جنان قبطان كما ورد إسمها في كتب القرن العشرين و خرائط طنجة من نهاية القرن التاسع عشر حتى العقد الثالث من القرن العشرين كان يطلق عليها إسمان جنان قربطان و تارة جنان قبطان و حتى عندما اطلعت على بعض العقود البيوع لبعض الدور من منتصف الثاني للقرن التاسع عشر حتى العام 1356 هجري أجدها من ضربين في الورقة الواحدة أحيانا يكتبها العدول بحومة جنان قربطان و في أخرى بجنان قبطان .و أيا تكن التسمية نطقا أو كتابة فلاشك أن الذي استوقني أكثر للملاحظة هي الفقرة التي أوردها العياشي الوزير في مخطوطته البستان سنة 1725 م بالقول:. -وأمره أيده الله- بمعاودة منازلتها، فتهيأ النصارى الإنجليز الذين بها لملاقاة المسلمين، وطلبوا الإغاثة من جيرانهم النصارى "صبنيول من عدوة الأندلس" عند تعذر إغاثتهم من إخوانهم الإنجليز لبعد ما بين طنجة و"جزيرة انغلطرة" فأغاثهم "اصبنيول" بطائفة من النصارى "أهل القبطجية" منهم، فخرجوا من حصن طنجة لمحاربة المسلمين.
فالقبطجية هم أهل البحر و ليست الكلمة تدل على أهل المدفعية الذين كان يطلق عليهم الطبجية ..فكلمة (القبط جي) من كلمتين و رافدها تركي وصحت عند أهل المغرب والقول به عند الدكتور عبدالعزيز السعود في كتابه تطوان خلال القرن التاسع عشر ,أنه كانت معظم المواد و الأدوات المستعملة في الملاحة و الصناعة الحربية أو الألقاب التي حملها المتعاطون لذلك تركية الأصل مما يفسر امتداد الثأثير العثماني إلى أقصى الغرب الإسلامي.
استدراكا على ما طرحه الدكتور عبدالعزيز السعود حول مسألة المصطلحات التركية المستعملة في المغرب .فهاته بعض المصطلحات التركية التي كانت مستعملة في مغرب القرن 18 و 19 فيما يخص أعمال البحر و توابعه :وأصلها التركي وكان يحذف منها بما يناسب سهولة استعمالها بالمغرب و أوردها هنا بأصولها التركية كنموذج نستأنس بها في هذا النص
الرايس: قائد سفينة البحر .
قائد المرسى : المسؤول على الميناء و شرطته و المخازن و المراكب الداخلة و الخارجة من الميناء . .
القبطان رايس : قائد السفينة
باش رايس : نائب أول للقبطان .
صوصو رايس : نائب ثان للقبطان
رايس العسة : مفتش المركب و المشرف على صيانته
باش طبجي : ضابط المدفعية في المركب يشرف على صيانة و استعمال المدافع باش دمانجي : ضابط الأشرعة . وعلى ذكر باش دمانجي لاشك أن طنجاوة يعرفون الأستاذ المرحوم المختار البقالي المتوفى سنة 2005 صاحب المدرسة الإسلامية الشعبية بالسقاية الجديدة تاريخ التأسيس سنة 1952 .كان يعرف بالدمانكي لقبا و هي كلمة تركية اصلها دمانجي ..أما أن يقال أن كلمة قبطان لاتوجد و لا تستعمل في المغرب القرن 18 فهذا ضرب من الجنوح الذي يفضح عدم اتساع الإطلاع و الإحاطة بالتاريخ المحلي
استدراكا على ما طرحه الدكتور عبدالعزيز السعود حول مسألة المصطلحات التركية المستعملة في المغرب .فهاته بعض المصطلحات التركية التي كانت مستعملة في مغرب القرن 18 و 19 فيما يخص أعمال البحر و توابعه :وأصلها التركي وكان يحذف منها بما يناسب سهولة استعمالها بالمغرب و أوردها هنا بأصولها التركية كنموذج نستأنس بها في هذا النص
الرايس: قائد سفينة البحر .
قائد المرسى : المسؤول على الميناء و شرطته و المخازن و المراكب الداخلة و الخارجة من الميناء . .
القبطان رايس : قائد السفينة
باش رايس : نائب أول للقبطان .
صوصو رايس : نائب ثان للقبطان
رايس العسة : مفتش المركب و المشرف على صيانته
باش طبجي : ضابط المدفعية في المركب يشرف على صيانة و استعمال المدافع باش دمانجي : ضابط الأشرعة . وعلى ذكر باش دمانجي لاشك أن طنجاوة يعرفون الأستاذ المرحوم المختار البقالي المتوفى سنة 2005 صاحب المدرسة الإسلامية الشعبية بالسقاية الجديدة تاريخ التأسيس سنة 1952 .كان يعرف بالدمانكي لقبا و هي كلمة تركية اصلها دمانجي ..أما أن يقال أن كلمة قبطان لاتوجد و لا تستعمل في المغرب القرن 18 فهذا ضرب من الجنوح الذي يفضح عدم اتساع الإطلاع و الإحاطة بالتاريخ المحلي
و في هاته النشرة لن أنتقد النص الذي خرج مؤخرا باستباطات و تأويلات من كتاب طنجة تحت الهيمنة البريطانية لشانطال دي لا فيرون المنشور في باريس سنة 1974 لأن المطلع على الكتاب سيعرف أن البناء الذي تمت به الدراسة لاحقا حول جنان قبطان هو ضرب من التأويلات الخاطئة لا يسقط فيها مبتدئ في البحث التاريخي لسبب بسيط جدا أن في ذات الكتاب د شنطال دي لا فيرون أن الكومنط ميديلطون و ليس القبطان كما يزعم القول به و يحتج ليس وحده من شيد دارا بها حديقة كبيرة بل أيضا البارون بيلايسي و هنا نلاحظ الدقة التي تعاملت به المحققة مع كل شخصية فسمت ميديلطون بالكومنط و الآخر بالبارون كما أنه لا يعقل عند من يعرف خبايا الأسرار أن يكون حاكم مدينة في ذلك الوقت برتبة قبطان لأنها رتبة أقل بثلاث مراتب من جنرال و حتى لايسقطون في التعارض في الرتب ففي التعيين يتم ترقيتهم إلى ألقاب أعلى كالكومنط و البارون.كما أن ذات النص يعود لسنة 1674 حسب ما يرجح له اعتقادا و ليس على اليقين .
و بما أنني لست صحفيا لأنتقد النص الذي يشوبه العديد من الثغرات المنهجية مردودة جملة و تفصيلا و الذي أحال بشكل غريب إسم جنان قبطان إلى جنان مديلطون فإنني سأكتفي بملاحظتين أساسيتين : كيف أغفل الباحث نصوص الحوالة الحبسية التي تشير إلى هذا الحي بإسم حومة سانية يالا من المنتصف الثاني للقرن الثامن عشر 1770 م إلى سنة 1820م و هذا الإسم مازال على لسان الناس في حومة الفوقانية من جنان قبطان و تسمى بحومة السانية إلى اليوم.الملاحظة الثانية أستغرب أيما استغراب كيف استطاع الباحث الربط بين كلمة جنان قبطان و أحاله فقط على أنه جنان القبطان ميديلطون و هو نفسه لم يستطع التمييز بين شخصية عبدالصادق بن أحمد بن علي الذي كان أول من سكن جنان قبطان سنة 1745 ميلادي بعدما صادر السلطان عبدالله بن إسماعيل أموال أبيه الباشا أحمد علي كلها فبنى دارا له هناك بقيت إلى بداية الستيينات من القرن العشرين معروفة و توجد بزنقة أروى الباشا و داره هاته حولها الباشا عبدالسلام بن عبدالصادق إلى إصطبل و بقيت كذلك حتى ورثتها منه ابنته سنة 1960 و حولت الإصطبل إلى عدد من الدور على شكل باطيو .قلت لم يستطع التمييز بين عبدالصادق بن أحمد الذي قتل في مكناس سنة 1766 م و بين الباشا السفير عبدالصادق بن أحمد بن عبدالصادق بن أحمد الذي هو جدنا من أبينا المباشر المتوفى سنة 1893 م .
بقي لي الآن أن أعرف كيف و من أين دخلت كلمة قبطان لغة أهل طنجة أما من يكون القبطان فهذا لا يعنيني في شيء بالمطلق و قبل أن أنقلك إلى صلب الموضوع علينا أن نتفق على سلسلة مبادئ جوهرية نخضع لها و هي من الأساسيات :الدليل إن طرقه الإحتمال بطل به الإستدلال .وهذا ما ينطبق عليه نص من أسماه بجنان ميديلطون .ثانيا الإتفاق في الورود و الإختلاف في الدلالة لا يعني بالمطلق حجية الفرضية في الإستنباط التي تم بها تأصيل الموضوع المثير للجدل و الشك المطلق لأن الدعاوى إن لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء .
على ضوء هذا فإن السؤال الخطأ بالضرورة يقودك إلى النتيجة الخطأ مسبقا فالأوجب في هاته النقطة أن نقول الأصل من كلمة قبطان في لغة أهل المغرب لا من هو القبطان .لأن كلمة قبطان ليست بالغريبة على لسان أهل طنجة و هي المدينة المنفتحة على البحر و الإتصال بالأجانب خاصة أخص بالذكر على سبيل المثال لا الحصر في فترات اتفاقية الصلح مع البريطانيين المبرمة سنة 1721 م بعد الحضر الباباوي الكاثوليكي على دول أوروبا بشأن الإتجار مع شمال إفريقيا سنة 1720 م و سنعرف من خلال هذا أن سنة 1714 حصلت سفارة القبطان بادون و سنة 1728 زيارة القبطان براتوايت صاحب كتاب تاريخ الثورات للمنطقة ناهيك عن آخرين حملوا هذا اللقب فكلمة قبطان معروفة جدا بالنسبة لأهالي البلدة البحرية و منطقة طنجة و تطوان ,هذا من جهة .أما أهم نص يمكننا الركون إليه في هاته المسألة كتاب رحلة علي باي العباسي المنشور في فرنسا سنة 1814 ففي الفقرة من الصفحة 3 إلى 6 نجد فقرة في غاية الأهمية و لا شك أن القارئ لتلك الرحلة يلاحظ الدقة المتناهية التي كتب بها علي باي رحلته حيث فصل الأسماء و الألقاب باللغة المحلية ككلمة قائد و كلمة قاضي و حاكم ناهيك عن أسمائهم الشخصية ففي الصفحة 3 من الرحلة المذكورة قال علي باي ما مضمنه : وعند وصولنا بالقرب من الشاطئ قدم لنا بعض المغاربة أنفسهم و من بينهم أحد الأشخاص أنه قبطان الميناء ....وطلب مني ورقة الحجر الصحي و توجه إلي بعدد من الأسئلة مستجوبا ......وبعد ذلك أمر القبطان بعدم نزولنا من الباخرة وأخذ معه جواز السفر إلى القائد أو الحاكم ....إلخ ..من هنا يتضح لك أن كلمة قبطان المرسى كانت موجودة في طنجة سنة 1803 م ثم إن مهمة القبطان أنطوان بوريل سنة 1808 كانت رسمية و معروف الصفة و الإسم و بقي في طنجة وحدها يصول و يجول لثلاثة أشهر كاملة فهاته الصفة معروفة عند العامة و ليس من الغريب أن يطلقها الناس سواء على قبطان المرسى أو على أي شخص على سبيل المزحة لأن في طنجة نجد هناك فرق بين رايس فهناك زنقة الرايس و في المنتصف الثاني للقرن 19 ظهر أسم حومة جنان قبطان أو جنان قربطان و هي على ضربين كما في الوثائق.. ففي رحلة علي باي يتضح لنا إسم قبطان المرسى و ليس قبطان السفينة ...ويوجد هذا الإسم في طنجة و لايوجد في غيرها أعطيك و اضرب لك مثالا الكزيطة هاته كلمة مشتقة و هي متداولة فقط في طنجة ..وقس على ذلك ..