حقائق تاريخية ..غرائب الأخبار من فواصل تاريخ طنجة المفقود
سور المعكازين ........الحلقة الأولى :
خلال الحلقات القادمة ستعرف كم أننا نتناقل الأخطاء و نرسخها حتى أصبحت حقيقة راسخة في الأذهان ..فإذا كان سور المعكازين مكان الكسالى فلاشك أن أماكن عدة في طنجة كانت قبل سور المعكازين يجلس ا فيها طنجاوة لرؤية البحر و طلب الراحة و مع ذلك لم يتم إطلاق المعكازين عليهم ..فهل لفظ المعكازين إسم يطلق على العموم أم الخصوص أي خاص بفئة دون أخرى ..ولسنا هنا بصدد تاريخ نشأة سور المعكازين الذي هو الآن في شارع باسطور بل إننا نبحث عن سور المعكازين الحقيقي السور الذي كان فعلا سورا للمعكازين .أما الذي في شارع باسطور فهو حمل التهمة بحكم التداول الشائع قبل أن يتحول فعلا إلى حديقة المعكازين بامتياز ..و لاشك أن بعض الأجانب أقحم نفسه في تحقيق تاريخ البلدة و أشاعوا حقائق مشوهة عن تاريخ البلدة و شاع بين الناس أن ما يقوله الأجانب حقيقة تاريخية كشهادة موثقة.على الرعم مما تحمله من أخطاء ... غير أني أقف لحظة للتأمل أن من أطلق هاته الصفة المعكازين هم المغاربة أو الأهالي و شاع و تداولها بين الناس فالتقط الكلمة الأجانب على أنها حقيقة تطلق على العموم لا على التخصيص بخصوص فئة معينة من طنجاوة ..في الحلقة القادمة ستعرف جزئية التفصيل في الإسم ومن هم المعكازين الذين كان يطلق عليهم هاته الصفة قبل أن أعلن لأول مرة في تاريخ البلدة أين كان سور المعكازين الأول و كيف نشأ و لماذا سمي بسور المعكازين ...فقط على مجلة تنكا تنجا ستجد غرائب الأخبار من فواصلتاريخ طنجة المفقود ...كونوا في الموعد كالعادة من أجل الحق للجميع في المعلومة و الوصول إليها .
سور المعكازين ........الحلقة الثانية : من هو المعكاز أو المعجاز fainéants :
الصورة من سنة 1911 بداية بناء سور المعكازين
إن الصفة الدلالية للمكان ارتبطت لكون أشخاص معينين بذاتهم و الصفة المطلقة عليهم هي التي ارتبط اسم سور المعكازين بهم .فالسور أسبق من أولئك الذين جلسوا فيه حتى تم إطلاق صفة معكاز عليه ..و إذا كان لفظ معكاز أو المتفاني لا يعني أن ذلك الشخص عاطلا وبل إنما لكثرة جلوسه و ظهوره بذلك المكان هو الذي جعل منه شخصا معكازا ..ولقد اشتهرت في الماضي مدينة إسمها زنجبار بسلطنة عمان اليوم بالكسل مع أن هذا أمر لا يتصور أن الناس لا يعملون ليكسبوا قوتهم ..و عندما نعود للبحث في مضمون الكلمة بطنجة نجد أن باب الراحة 1920 كمثال كان الناس يجلسون فيها الساعات الطوال و مع ذلك لم يطلق عليهم معكازين و أيضا في دكاكن باب العسا ما قبل القرن 19 حيث كان الناس يجلسون طلبا لمنظر المدينة البانورامي و منظر البحر ..و كما هو معروف أن سور المعكازين الحالي تم بناؤه حوالي سنة 1911 مع أن حائط شارع فيلاسكس بني قبل هذا التاريخ بكثير و ما بني الحائطان سواء فيلاسكس و سور المعكازين سوى كحائط سد لمنع الكثبان الرملية من الإنجراف خاصة و أن البناء الأول في جهة المدينة الجديدة كان لا يتعدى شارع المكسيك من أجل السلامة و عدم انجراف الأبنية إلى أن تم بناء دار السلف سنة 1910 فكان حتميا بناء سور فيلاسكس و سور المعجازين ..و عندها تم تحويل الطريق من شارع المكسيك اليوم إلى شارع باسطور الحالي ..و حتى لا نتيه في كثرة الشرح و ننسى الموضوع الأساسي الذي نريد الوصول إليه عن المعكازين .أو المتافنين ..؟؟فالمعكازين هم أشخاص يمتهنون مهنة لا تتطلب جهدا كبيرا و تتطلب أيضا انتظارا طويلا جدا يمتد لساعات حتى الذي يمر من أمامه عدة مرات في اليوم يستغرب ما الذي يفعله ذلك الشخص بذلك المكان مع أنه لا يبيع و لا يعرض بضاعة كالتجار ...فعلا إنهم كذلك المعكازين الطنجاويين المراد بهم القصد هنا متأنقون يلبسون جيدا و يتقنون أكثر من لغة لكن قدرهم جعلهم يجلسون طويلا في انتظار زبون ..إنهم بكل بساطة المرشدين السياحيين خصوصا و أن طنجة بدأت في الفترة الدولية ما بعد سنة 1925 تعرف طفرة سياحية و أفواجا سياحية أكثر انتظاما مع أن الصناعة السياحية في طنجة بدأت في وقت جد مبكر من القرن التاسع عشر بداية سنة 1862 م ..في الحلقة القادمة سنتعرف على سورالمعجازين الحقيقي الأول و سنتعرف على تاريخ بداية اطلاق هاته الصفة على سور المعكازين
سور المعكازين ........الحلقة الثالثة ..سور المعكازين الأول مرحلة البناء :
لتقريب الصورة يستوجب علي الأمر العودة إلى البدايات الأولى للتغلغل البريطاني بطنجة نهاية القرن التاسع عشر حيث استوطن كل من البريطاني ernest waller et le dr .anderson سنة 1894 م بطنجة و شرعا في امتلاك الأراضي و الأملاك بطنجة تنفيذا لمخطط استعماري بحث و بعدما وضعا يدهما على أرض الفنذق الشجرة و بعد بناء السور الحاجز حيث سور المعكازين اليوم كانت لهما أرض هي الحديقة اليوم و تصل إلى فنذق والر لكنها اصطدما بأملاك الأمريكي Ion Hanford Perdicaris 1840–1925 وكانت أملاك الأمريكي من الدور و الأراضي هي مقهى باريس اليوم و أرض فنذق المنزه و فنذق الحدورة مجتمعة مما جعل الشريكان البريطانيان ينتظران إلى ما بعد سنة 1928 حيث كانا قد أسسا شركة الرينتيستكا البريطانية الجنسية و انضم إليهما اللورد الأرستقراطي lord but حيث اشترى عددا من الأملاك التي ضمها إلى الشركة و من بينها أملاك بيردكاريس التي كانت بشارع الحرية ..و في ظرف سنتين سيتم بناء و افتتاح فنذق المنزه في أبريل سنة 1930 م و حسب بناء الفنذق و هندسته فإن واجهته الرئيسية كانت هي حيث يوجد موقف السيارات اليوم و كان الباب الذي يوجد في شارع الحرية بابا رئيسيا خلفيا و بجانب هذا الباب كان باب المسبح.. لم يعد باديا للعيان اليوم ..وقد جاءت هندسة الفنذق بهذا الشكل لأسباب أولها المنظر البانورامي على البحر ثم كان لديهم أرضا تمتد عبر زنقة أنوال إلى سور المعكازين حاليا ..لكن يبدو لي أن مشروعهم لم يعرف الإكتمال لسببين ظهور طريق رئيسية في ذلك الوقت هي شارع أنوال حيث يوجد مسرح سيرفانتيس مما أصبح من الصعب على الشركة ضم القطعتين الأرضيتين التي توجد بحديقة سور المعكازين و الحديقة الخلفية لفنذق المنزه حيث بني صالة الرياضة التابعة للفنذق و السور الأسمنتي ..في الحلقة القادمة سأكمل لكم كيف و لماذا سمي سور المعكازين و سأنشر صورة خاصة و فريدة من نوعها لآخر المعكازين الطنجاويين الذين كانوا يجلسون في السور المعجازين الحقيقي الذي يظهر لنا في الصورة على شكل سور صغير لطيراسا الفنذق المنزه ...
سور المعكازين ........الحلقة الرابعة و الأخيرة المعكاز و السور المفقود :
الفقرة الأولى : سور المعكازين الخلط بين مكانين:2
صحيح أن سور المعكازين الذي يوجد في شارع باسطور و الذي أصبح يسمى بعد توأمة مدينة فارو البرتغالية مع مدينة طنجة أصبح تسمية الحديقة بساحة فارو و في مقابلها في المدينة البرتغالية هناك ساحة بإسم طنجة ..و سور المعكازين الأول حسب ما رجح إسحاق الصياغ أن الإسباني دي بينيا هو من بادر إلى بناء السور غير أني سأعود فيما سيتطلبه البحث النظر في الوثائق الخاصة التي بحوزتي لتأييد أو دحض هذا الزعم ..وكان الحائط عبارة عن 70 سنتم مرتفعا عن الأرض مع أن الأرجح هو 60 سنتم و بعرض 50 سنتم ..و بما أنني من سكان مدينة طنجة فإنني أعرف تماما أن هذا السور ماكان يوما مكانا صالحا ليقف الناس فيه ساعات طوال للتمتع بمنظر البحر كما هو اليوم لسبب بسيط هو أنه إلى اليوم و رغم ارتفاع الأبينية المحيطة بالمكان فإن الشمس تسطع على المكان ابتداء من التاسعة صباحا حتى حدود الخامسة بصورة مستمرة مما يجعله مكانا صعبا للجلوس فيه تحت أشعة الشمس الساطعة ..و إذا رجعنا إلى المستويات الإجتماعية السائدة في المجتمع الطنجي في تاريخ البناء 1909 م حتى حدود سنة 1916 م فإن الناس تدخل إلى المدينة مع غروب الشمس و بعد سنة 1917 فإن الناس كانت تذهب إلى بيوتها في ساعة مبكرة و مع عدم إنارة كافية في الميناء ما كان ليكون لمنظر المدينة و الميناء أهمية كما هو الحال اليوم ..هذا بإختصار وضعية سور المعكازين ما بين 1910 و 1930 و هو التاريخ الذي بدأت القوى الدولية في إدخال إصلاحات هامة على شكل المدينة و مع ذلك استمر سور المعكازين حتى منتصف الثلاثينيات مجر حائط صغير و ممر للراجلين و لمن له الوقت فقد نشرت الصفحة كافة الصور تؤرخ لحركة التاريخ لهذا المكان فما عليه البحث إلا في النشرات السابقة ..لكن في سنة 1930 و عندما تم افتتاح فنذق المنزه كانت صناعة السياحة قد بدأت تأخذ أبعادا جديدة في الإقتصاد المحلي مما حدا بسكان المدينة لإمتهان حرفة المرشدين السياحيين خاصة مع ظهور ر بوادر نقابة للسياحة في طنجة و اسمها السنديكا إنيتياتيف دو طوريسم بطنجة و غير خاف علينا أن طنجة سنة 1907 كان بها عدد من المرشدين السياحيين نقتطف من دليل المغرب الفقرة التالية لنصل إلى الفكرة التي أحاول أن أربط بها الموضوع و عليك التمعن جيدا :جاء في الصفحة 119 من دليل المغرب سنة 1909م المطبوع بالجزائر : ( المرشدون السياحيون طنجة : في جميع أكبر الفناذق و هم بوزكلو .و كوهن و الحاج حسن و ولد الدكالي و بينطو ) وهنا تفهم أن العادة الجارية و السائدة في البلدة ما بين سنة 1907 و سنة 1935 أن يكون المرشدون السياحيون في الفناذق ....إذن في الفقرة الثانية سنعرف المعكاز و لماذا و كيف تم إطلاق كلمة معكاز على المرشدين السياحيين ...ترقبوا تتمة الحلقة الأخيرة مساء الجمعة 28 نونبر ..2014
ملاحظة :
الصورة سنة 1952 و قد أورد روم لاندو في كتابه بورتريه أوف طنجير المنشور سنة 1954 صورة لسور المعكازين ساعة الظهيرة حيث كان مكانا لبيع الزرابي دون أن ننسى هاته الزرابي كانت صناعة محلية من مشغل القصبة
سور المعكازين ........الحلقة الرابعة و الأخيرة تتمة :
الفقرة الثانية :
ورقة تقنية : سور المعكازين
سور المعكازين المعروف اليوم بساحة فارو تاريخ البناء 1909
سور المعكازين الحقيقي الأول هو الذي في الباحة الخلفية لفنذق المنزه تاريخ البناء سنة 1928م تاريخ تدشينه أبريل سنة 1930 .
المعكازين : هم المرشدون السياحيون guides toriqtique الذين كانوا يجلسون في باحة الفنذق في انتظار الحصول على زبون
التفاصيل :
أبدأ من حيث انتهيت في الفقرة الأولى وهو ماجاء في دليل المغرب سنة 1909 في فقرة المرشدين السياحين: تجد المرشدين السياحيين في أغلب كبريات فناذق المدينة..من هنا نفهم جيدا أن كل مرشد كان ملزما عليه بحكم العادة الجلوس في الفنذق و كان من محاسن الصدف أن الفنذق بنى باحة خلفية و بالضبط اليوم هي ملاصقة للوكالة كاليبسو بداية دروج الفنذق ..هاته الباحة هي المدخل نحو الفنذق و ثانيا أنها كانت هي الممر نحو حديقة الفنذق و إلى المسبح وكان لدى الفنذق مخططا لربط حديقة الحديقة بالطريق من جهة طريق أنوال حيث مسرح سيرفانتيس ..لا أطيل في هذا الشرح ..من قدر المرشدين السياحيين كانوا يجلسون في هاته الباحة و بأكثر دقة في مدخل الباحة حيث اليوم الباب الحديدي لباب الخدامة و مستودع السيارات و كان هؤلاء المرشدون اختاروا ذلك الركن لفائدتين أولها مراقبة السفن الوافدة و الداخلة لميناء البلدة و ثانيها ينتظرون زبائنهم من داخل الفنذق كما أن أشعة الشمس تحجب ببناية الفنذق مما يجعل المكان محجوبا عن أشعة الشمس طوال اليوم عكس سور المعكازين اليوم ..و مازالت عادة انتظار الزبائن جارية إلى اليوم لكن في الجهة المقابلة لباب الفنذق بشارع الحرية ..لكن السؤال المطروح و الجوهري من أين جاءت لفظة أو كلمة معكاز ..إذا دققنا البحث في كلمة معكاز fainéant سنجد أن المصطلح جاء من فرنسا وعرفت الثقافة الفرنسية هذا المصطلح من : C’est ce fainéant de Gilbert, qui n’est bon à rien qu’à lire et rêvasser. — (Alexandre Dumas, Joseph Balsamo, 1846)
فإطلاق الصفة المذكورة على المرشدين السياحيين في غالب الترجيح معكاز جاءت من طرف الأجانب العاملين في الفنذق خصوصا و أن جلوس هؤلاء الناس في مدخل الفنذق الرئيسي كان فيه نوع من الإزعاج لفخامة المنزه و حداثة عهده و تصنيفه في ذلك الوقت كأفخم فناذق المدينة ...
...يقودنا كل هذا إلى سؤال آخر كيف انتقل اسم سور المعكازين الذي كان في فنذق المنزه إلى سور المكازين الذي هو في شارع باسطور ..هذا ما سأجيبك عنه في النشرة الإخيرة تحت إسم ملخص تاريخ سور المعكازين كونوا في الموعد كالعادة و سنكتشف كيف إلتبس على الناس تسمية المكان ...
ملاحظة :
الصورة من باحة فنذق المنزه الملاصقة لدروج فنذق والر و يمكنك ملاحظة بشكل جيد من خلال الصورة المرشدين السياحيين و هم جالسون على سور الباحة و اعينهم على البحر و إذا دققت النظر جيدا في الصورة ستجد أن الجاليسن هم اشخاص متأنقون لابسون بشكل جيد ..و الصورة تم التقاطها من داخل الفنذق المطل على الباحة و لا بد ان يجرك كل هذا تركيز المصور على الأشخاص ..دمتم في رعاية الله و الصورة سنة 1942 زمن الحرب العالمية