الاثنين، 6 أبريل 2015

الخلط و الخبط في الربط مابين المنصورة و قبة السلطان و قبة السلاطين الأسرار الدفينة في الوثائق الغميسة من تاريخ طنجة المحروسة

كتبه ابنعبدالصادق الريفي

الجزء الأول

تصدير :يتلخص ضمنيا هذا المقال نحو تقريب الصورة الضائعة من المشهد التاريخي عند القارئ و رفع الإلتباس فيما التبس و لبس على الناس من معرفة فرق الفروق الفارق بين المنصورة و قبة السلطان و قبة السلاطين .و يؤسس هذا المقال منهجا جديدا في فهم التاريخ الطنجي لبعث نفس جديد في المقارنة و الموازنة بين النصوص التي وصلت إلينا حتى يتبين لنا أن القبول بالإجابات المسبقة إنما هي عملية عمياء صماء بكماء مادامت الوثيقة التاريخية صامتة في جوهرها ,وقد بنيت هذا المقال على مبدأ نظرية جورج سوريل التي تتأسس على:( أن على المرء أن ينطلق عبر تحسس الطريق و عليه أن يجرب الفرضيات المحتملة و الجزئية و ان يكتفي بالتقديرات التقريبية المؤقتة بحيث يبقي دائما الباب مفتوحا أمام التعديلات المطردة ..) انتهي كلام سوريل من كتابه الآليات النظرية في البروليطاريا 1919 .و عليه أنبه القارئ أن كل فصول هذا المقال ستكون مبنية على هذا المبدأ

مقدمة : المنصورة .قبة السلطان و قبة السلاطين هي أسماء وردت علينا في كتب ووثائق قديمة وقد كتب مقال سنة 2014 نشر بجريدة محلية يجمع كل هاته الأسماء في مكان واحد رغم اختلافها و بني الموضوع  بعد تنزيل النصوص على التخمين و الإستنباط والنتائج المسبقة لإقناع المتلقي و أيا كانت الخلاصة فإني لا أقبل بها لما اعتراها من ضعف الربط و التحقيق في النصوص التي تم الإحتجاج بها من جهة و عدم القدرة على فهم نسق النصوص في مخالفة واضحة لقوانين العقل في التحقيق في مثل هاته المسائل و هي كالتالي الإنسجام و الإلتئام و الترابط و التراسل خاصة و أن النصوص المحتج بها كدليل الحجية في المقال متباعدة نسبيا زمنيا أولها مؤرخ في 672 هجري و الثاني في 745 هجري ثم ننتقل إلى 1100 هجري ثم 1126 هجري ..إلخ هذا التباعد يجبرنا على تحليل كل نص بشكل مستقل لنستخرج منه مقتاح البحث و نسترشد الطريق للوصول إلى الخلاصة النهائية لمعرفة الفرق بين تلكم الأسماء و تلكم الأماكن
 .
الفصل الأول : تفكيك النصوص لتفادي النكوص

أ- المنصورة المرينية
 
أكتفي بالإستدلال بنصين تم إدراجهما في المقال المذكور ذلك ان السلطان يعقوب المريني نزل بطنجة سنة 672 هجري الموافق 1273 ميلادي ( ولما طال عليها الحصار شرع في البناء عليها فبنى جزءا من البنية المنصورة ) أما النص الثاني للمهدي عيسى بن علي المرساوي قال:( لقيته بخارج طنجة بمنزل المحلة المنصورة ) و المقصود السلطان أبو الحسن المريني سنة 745 هجري الموافق 1344 ميلادي و نورد نص ابن مرزوق للإستئناس في نفس التاريخ خرج أهلها فعرضوا له عند خباء الجلوس ..نلاحظ أولا أن هاته النصوص كلها قبل إحتلال طنجة من طرف البرتغاليين ب 200 سنة و 130 سنة قبل الإحتلال .هذا جانب أما الجانب الثاني فكل نص من تلك النصوص له معنى منفصل عن الثاني فأهم ما في النص الأول: فبنى جزءا من البنية المنصورة فما هو المعنى من البنية أولا و المعنى من المنصورة ؟؟و أما في النص الثاني فالمعنى مختلف حيث جاء : بخارج طنجة بمنزل المحلة المنصورة و أما في النص الثالث :فخرج أهلها فعرضوا له عند خباء الجلوس .
ففي النص الثاني كلمة منزل و المحلة و المنصورة أما في النص الثالث خباء الجلوس .إلى هنا يبدو أن الأمر سيان بين كافة النصوص حيث تنطبق قاعدة لاحجر في الأسامي إذا بلغت المعاني .هذا إذا كانت النصوص متداخلة فيما بينها أما في هاته النصوص فأعتقد أن اللغة العربية واضحة و فصيحة كيف لا و قد كتبت في وقت عرف نهضة أدبية كبيرة : فالمحلة عندنا في المغرب هي الخيمة الكبيرة أو مجموع خيام كما لايمكن أن تطلق كلمة خباء على بناء بالطوب و الحجارة فشتان بين بنى البنية و بين محلة و بين خباء ثم إن كلمة منزل المحلة لا تدل مطلقا على منزل كيف لا و امرء القيس في في بيته الشهير قال: قفا نبك على ذكرى حبيب و منزل: فالمنزل هنا تدل قطعا المكان و ليس الدار المبنية .كما أن المحلة كما عرفها كبير مؤرخي الدولة العلوية عبدالرحمان ابن زيدان في كتابه العز و الصولة المحلة هي مكان الجيش ونزوله .لكن يبقى لي أن أوضح أن النص الأول ورد فيه كلمة البنية المنصورة و لكي أفهم المعنى الدال فإنني سأستدل بنص من كتاب روضة النسرين ص 18 و هو لذات السلطان يعقوب المريني قال صاحب الروضة : توفي بالجزيرة الخضراء بالأندلس و هو في معسكر للجهاد عند الزوال في الثلاثاء 22 محرم سنة 685 هجري و دفن بجامع قصره من البنية ..ا.ه نفهم هنا من كلمة البنية هنا المدينة أما في النص الأول البنية المنصورة و كلمة المنصورة محذوف منها الله و الأصل فيها المنصورة بالله و هذا أمر دارج في لغة المغرب أن تقول طنجة المحروسة أو طنجة المحفوظة بالله إلخ ..إذن البنية المنصورة هي المدينة .و أي يكن المعنى فتلخيصا لما قلته في هاته الجزئية فإن المكان الأول الوارد في النص المؤرخ لسنة 672 هجري ليس هو نفس المكان الذي ورد في النص المؤرخ لسنة 745 هجري .أما وجود المنصورة حقيقة من عدمها في طنجة و صحة هاته النصوص من عدمه لن تغير في صلب الموضوع قيد أنملة حول قبة السلطان و قبة السلاطين في طنجة و هي أصح النصوص التي وصلت إلينا و التي سأخصها بالتحليل . و في الأجزاء القادمة من هاته السلسلة عندما نطرح نصوص قبة السلطان و نصوص قبة السلاطين للموازنة و المقارنة الدقيقة بينها و معرفة وجه الإختلاف بينها زمانا و مكانا ..ستعرف الوجه العلائقي بين تلك الأماكن و الإختلاف البين  و السببية في تسميتها و انعدام التواتر في اللفظ   ..

اللهم أني أعوذ بك من الحور بعد الكور و من العمى بعد البصر فإن أخطأت فمني و من شيطاني و إن أصبت فمن الله و فضله .و الحمد لله رب العالمين .
طنجة في 7 أبريل سنة 2015 م