السبت، 27 يونيو 2015

مفردات لغوية تحولت إلى مصطلحات في لغة أهالي طنجة : عيشة قنديشة ,سروال قندريسة :


كثيرا ما أستغرب من أفراقيات اللغة المستعملة و المتداولة على لسان العامة و مقابلتها بالتفسيرات التي تعد في غاية السذاجة أحيانا و سأركن اليوم مكتفيا بأنموذجين إثنين :
عيشة قنديشة : و هي المرأة التي كثيرا ما ارتبط تفسيرها بالكلمة البرتقالية عيشة الكونديسة .و بنوا على هذا التشابه الكبير بين كلمة قنديشة و كوندسة او كونطيسة قصورا واهية من الحكايا و الأوهام تداخلت فيما بينها .فكلمة عيشة قنديشة هي صفة و ليست دلالة على شخصية محددة .كإطلاق إسم عيشة القرعة لصفة على طائر و ليس أنه إسم الطائر بعينه .و قد سبق لي أن قلت أن الصفات التحقيرية غالبا ما ارتبطت بإسم عيشة أو عائشة للجدور الشيعية بالمغرب و خاصة في منطقة الشمال .
المعاني من قنديشة و قندريسة :
قنديشة :
في المغرب لا تستعمل عندنا كلمة أم كما في اللغة العربية كالقول أم رأسك أو أم أربعة و أربعين .و بالتالي كانت عندنا في لفظ المذكر هي الغالبة كبوراس و بوخالف و بوركابي .لكن عندما نريد وصف المرأة بصفة تحقيرية غالبا ما نسمي الصفة بذاتها ك طولانة و العوجة لكن عندما تريد صفة شخص صغير له صفة المرأة المسنة و الطاعنة في السن فيستعملون كلمة عيشة بدل كلمة أم و يظهر لي و الله أعلم فيما أقول أعتقد أن عيشة تستعمل لإرتباط صفتها بإسم أم المؤمنين فتم حذف المؤمنين و حذف أم لما له من عظيم التعظيم عندنا ,فاستعملوا فقط عيشة دلالة على أم التي في اللغة العربية.قلت أن الصغير إن أرادوا أن يطلقوا عليه صفة المرأة المسنة في التشبيه ضمن الجملة.
و بالتالي فكلمة قنديشة ليست لا هي كونطيسة و لا كونديسة و لا جنية من جان كناوا .بكلة بساطة أن كلمة قنديشة هي عربية فصيحة تامة الفصاحة في العربية و هي من أسماء الآلة .
قنديشة : و الأصل منها من كلمة القندسة و هي خشبة يستعملها البناؤون في القناطر و تكون مقوسة و تنطق كذلك كندجة أما أصلها فهي قندسة و معروف عنا نحن الأمازيغ نفخم السين نطقا حتى تتحول شينا فتصبح تداولا قندشة .و لعلكم لاحظتم التعريف المصطلحي ان خشبة القندسة تستعمل في بناء القناطر و هذا هو السبب الذي جعل الناس يربطونها بالبحر في حكاياهم .أعود إلى النقطة التي بدأت منها فعيشة قنديشة معناها عيشة المقوسة و عليك بحذف عيشة و استبدالها بالمرأة ليتضح لك المعنى الدلالي .
قندريسي : يكتبون و عندما يكتبون يجدون أنفسهم غرقى في المعاني و الذي أستغرب له عندما يحاول الناس التفسير للغة المغرب القديمة فإنهم غالبا ما يفسرونها برؤية القرن العشرين و كأن الناس الذين سبقونا كانوا أغبياء حاشا أن يكونوا كذلك .كنت قد قرأت في أكثر من مقال حول سروال قندريسي و جل من ذهب في القول أحالوها بالقول إلى إسم يهودي في فاس يقال له قندريسة و له مشغل لصناعة هذا النوع من السراويل و بالتالي سمي هذا السروال بإسمه .عندما تتكلم الحالية و العاطلة في التاريخ لن يبقى لي سوى أن أطوي ملفاتي في زمن احترف التاريخ كل من لا شغل له .
في لغتنا المتداولة الدارجة لدينا صفة نطلقها على الشخص الإنطوائي يقال له خندريسي و يعتبرها البعض الآخر بالحشومي المحتشم بينما أصل الكلمة في العربية الخندريس هي قديمة و جاءت بهاته المعاني
:خَندَريس: ( اسم )
الخَنْدَريسُ : الخَمْر
الخَنْدَريسُ الخَمْر القديمة
تمْرٌ خنْدَريسٌ : قديم
حِنطةٌ خَنْدَريسٌ : قديمة
و هكذا يمكننا إطلاق سروال خندريس أو قندريس القديمة الشكل ..كل ما في الأمر أن الخاء قلبت قافا لا أكثر و لا أقل..
كتبه ابن عبدالصادق الريفي في 27 يوينو 2015
.

أول صورة لمدينة طنجة سنة 1859 الأسرار و الخفايا :


هكذا نكرم كبراءنا : باب القائد علي بن عبدالله الريفي .

أطلق اليوم بحول الله و منة وفضل منه, إسم باب علي بن عبدالله الحمامي الريفي .ضمن أسماء الأبواب المستتركة للمدينة القديمة .وقد كنت في السنة الماضية قد وعدتكم بهذا الموضوع حيث أن بابا في المدينة القديمة قد غفل عن ذكرها كل الذين أرخوا لمدينة طنجة .و كنت في ذات السياق في موضوع المستدرك من المستترك على أبواب طنجة القديمة قد سميت باب سوق السمارين على إسم عميد و كبير المشردين في طنجة محمد الطيب و اطلقت عليها باب محمد الطيب .و اليوم بعون من الله أتم الجزء الذي كنت قد وعدت به من تسمية الباب الثانية التي لم تذكرها كتب التاريخ ,و بالتالي يعتبر هذا البحث الغير مسبوق في تاريخ التواريخ الطنجاوية حدثا كبيرا و عظيما في قيمة و مكانة القائد علي بن عبدالله الحمامي الريفي الذي فتح مدينة طنجة مع ثلة من الجيوش المغربية الباسلة المصاحبة له زمن الفتح عام 1095 هجري /1684 ميلادي.

1- المراجعة التاريخية :

لعل أبرز الذين أرخوا لمدينة طنجة و اعتنوا بوصفها أكثر من غيرهم هم القبطان أنطوان بوريل سنة 1808 و المستشرق الفرنسي الكبير ج.سلمون 1904 و كبير المستعربين ميشوبيلير سنة 1912 . دون أن نغفل من عبروا المدينة ابتداءا من سنة 1803 كعلي باي و جون بوفا و شارل تيسوط و مكين و غيرهم .لكن للأسف أن أبحاث المستشرقين الفرنسيين كانت ناقصة و يغلب عليها طابع الملاحظة و الوصف و تعيين الأوصاف الوقتية .فبالتالي كانت في مجملها مواضيع يغلب عليها السمة الأنطولوجية و السوسيولوجية .و تحتاج إلى مراجعة دقيقة لبناء تصور تاريخي حقيقي حسب زمان وقوع أحداثه ,و قد كنت في نشرات سابقة قد بنيت عددا من التصورات و الأراء بناء على تلكم المواضيع بإعتبار كتابها شهود عيان.غير أنه للأسف الشديد تبين لي أن المستشرقين في البعثة العلمية الفرنسية كانا مجرد جاسوسين للحملة الفرنسية على المغرب و التي كانت فرنسا تعد لها منذ نهاية القرن 19 .وعلى هذا الأساس كانت معلوماتهم الوقتية استخباراتية وصفية تحدد المعالم و المعلومات التي يمكن استغلالها من قبل الجيش الفرنسي لتسهيل دخوله نحو المغرب .

2- أول صورة لمدينة طنجة سنة 1859 تقلب الموازين و تصحح المفاهيم :

بظهور هاته الصورة سنة 1859 م. للمصور الفرنسي jean baptiste alary سينتقل البحث التاريخي المحلي نحو مرحلة جديدة من التصحيحات على العديد من الأخطاء المتداولة بشكل شائع سواء على أسماء الأبواب الأولى أو حتى على البحث الذي نشر في سنة 2003 حول بدايات الصورة لمدينة طنجة و تطوان و التي ذهبت أن البدايات الأولى كانت سنة 1870 مع التركيز أن جيمس فالنتين و جورج واشنطن ونلسون و غيرهم هم المصورين الأوائل لمدينة طنجة .و هاته الصورة التي أنشرها اليوم تنسف من جذورها تلك الأطروحات المغلوطة و الناقصة من حيث البحث و التمحيص و أبانت على سطحية تلك الدراسة التي نشرت بعناية المعهد الثقافي الفرنسي .
أما مضمون الصورة فهو يعطينا تصورا جديدا لمدينة طنجة من جهة السوق البراني و تصحح الكثير من تلكم الأخطاء الفاحشة و التي مازلنا نكررها نقلا عن تلكم الدراسات التي نشرت بداية القرن العشرين , و فرضت نفسها علينا كمرجعية تاريخية و أداة مصدرية لايمكن تجاوزها في غياب تاريخ محلي مدون أو مكتوب.و من هاته الزاوية الضيقة يكاد يكون تاريخنا الطنجي مجرد لملمات غير موثقة التوثيق الدقيق و بالتالي يجب علي كباحث في التاريخ بشكل متمرس أن ننظم هاته العملية تحت مرتكزين منهجيين لا يستعملهما كل من أرخ أو كتب في تاريخ طنجة من قبل و هما النقد الخارجي و النقد الداخلي للتاريخ البلداني كأسلوب و منهج راسخ لا محيد عنه في زمن توافرت فيه كل الآليات التي تسهل هذا النمط من البحث بشكله المنهجي ,و تحت ظل هاته المظلة و على هاته المطية يكاد يكون التاريخ الذي أكتب فيه متفردا عن غيره و ذلك من أجل تحريره من عبودية التبعية للنصوص الأجنبية التي وصلت إلينا و التي ماتزال مهيمنة على كثير من المؤرخين الوقتيين الذين يرون في المدرسة التقليدية الوثائقية مخرجا لهم من أجل التملص من مسؤولية المؤرخ البلداني المحلي الذي يجب إن ينطلق من منابع التاريخ المحلي أولا قبل الإهتداء بالنصوص الأجنبية المنشورة على نطاق واسع .

3- المقارنة و المقاربة المعيارية و الوصفية بين الصورة و النصوص المنشورة :

إن الصورة التي تعود إلى سنة 1859 لمشهد السوق البراني و التي سبق و ان نشرتها مجلة إلستراسيون سنة 1862 على شكل رسم لوحي مقتبس من الصورة الفوتغرافية التي بين أيدينا اليوم ,تعد وثيقة بالغة الأهمية نظرا لما تحمله لعدد كبير من التوضيحات الغائبة عنا و التي تدل أيضا أن حرب تطوان التي أرخت بظلالها على النمط الدفاعي للمدينة يجعلنا بالضرورة أن نعيد كتابة الوصف الدقيق لجزئية جهة السوق البراني التي توثقها هاته الصورة المتفردة في مادتها و الغنية في مضمونها بالرغم أنها مجرد صورة كباقي الصور ,و لولا ظهور عدد من الصور الهائلة لما كان في استطاعتنا و لا في استطاعة اي باحث أن يصل إلى مجمل هاته الحقائق لسببين جوهريان :غياب وصف دقيق للمنطقة أو الجهة من السوق البراني قبل سنة 1859 م ثانيا أن ما كتبه بيلير و سلمون يعتبر اليوم نصوصا ذات أهمية اتضح أنها مجرد نصوص بل و مليئة و محشوة بالأخطاء تصف تلك الجهة فقط خلال العشرين سنة التي سبقت نشر نصوصهما سواء في مجلة الذخائر المغربية او مجلة العالم الإسلامي أو في كتاب طنجة و منطقتها
4-الحقائق و الخفايا الجديدة من تاريخ الأسوار في طنجة :

لعل الرسالة الإسماعيلية التي وجهها السلطان المولى إسماعيل في رجب عام 1095 هجري إلى القائد علي بن عبدالله , تنير لنا الطريق نحو هذا البحث حيث جاء في سياق تلك الرسالة : و للقائد علي أن يحوز ما يكفي المخزن من بلاد فحص طنجة التي فتح الله على أيدينا و يحوز ما يكفي المسجد لأحباسه و ما يكفي السور لأحباسه .ا.ه
و كما جاء في وصف جون بوفا سنة 1805 أن اجزاءا كبيرا من السور في طنجة متهدم .و حتى لا نتيه في خضم تلكم الدراسات سنحاول إعادة ترتيب المشهد لنفهم السياق العام :
كما هو معروف أن باب كاترين هي البوابة الرئيسة التي كانت على العهد البرتغالي و البريطاني و بالتالي فإن تلكم الباب هي التي كانت أولا مفتوحة على فضاء السوق البراني و هي ايضا التي تؤدي إلى قلب المدينة القديمة فكان حتما في كل العصور أن تكون لها حماية خاصة نظرا لوجودها في المكان المكشوف و الأضعف في سور مدينة طنجة .فبالتالي عنذ فتح طنجة كان هذا الهاجس الدفاعي يتطلب تدعيم هاته البوابة و إبعادها من المركز الأكثر ضعفا إلى تقويتها عبر إنشاء عدد من الإنشاءات الدفاعية التي أعتبرها الأكثر تعقيدا في مساحة جد ضيقة من السوق البراني .

5- الأوصاف العامة لإنشاءات السور زمن علي بن عبدالله الريفي 1095 هجري :

لتفهم هاته الفقرة عليك الإسترشاد بالصورة المرفقة .

على عكس ما كان شائعا اتضح بما لا يعطي مجالا للشك أن الدفاعات الأولى التي أنشأها القائد علي بن عبدالله الحمامي الريفي .قد تم هدمها تقريبا في المنتصف الأول للقرن العشرين غير أننا سنهتدي إلى المشهد بواسطة هاته الوثيقة الهامة البالغة الأهمية إضافة إلى بعض الوثائق الحبسية التي نشرها بيلير سنة 1914 في سجل الحوالة الحبسية لطنجة .

- لنتعرف إلى الصورة :
1 - باب السمارين الدخلانية
2- العطارين
3- باب فاس
4- باب دار عبدالصادق المهدومة
5- باب محمد الطيب - باب السمارين البرانية
6- باب القائد علي بن عبدالله الريفي ( الباب الرئيس للمدينة )
7- قاعة الخضرة
8- سوق البيازين

بالإضافة إلى هذا لا ننسى الساحة الكبرى التي هي السوق البراني
على هذا الأساس فالأجزاء الدفاعية المتقدمة كان الهدف منها حماية المدخل الرئيس للبلدة و بقيت المدينة على هذا الشكل حتى بداية حرب تطوان سنة 1860 م حيث عمل المخزن على تشكيل دفاعي أكثر تعقيدا من السابق حيث تم الإستغناء عن المنفذ الرئيس للبلدة نحو باب فاس التي توجد بين الصياغيين و سوق السمارين ,فهكذا أقفلت باب القائد علي بن عبدالله الريفي و أقفلت كذلك باب محمد الطيب التي هي باب سوق السمارين و أقفلت باب دار عبدالصادق في المقابل تم بناء باب قاعة الخضرة البرانية و إنشاء باب الفحص الحالية بشكلها القديم و تم بناء باب سوق الزرع و تم بناء باب كبير يسمى باب مرشان من أجل تعزيز الدفاع على البوابة الرئيسية من الجهة الشمالية باب القصبة و بهذا التشكيل تشكل ما بين باب الفحص و بين باب مرشان المربع المسمى ب بين البيبان و بالتالي اصبح الدخول و الخروج من المدينة يتم عبر باب فاس نحو باب سوق السمارين الدخلانية ثم نحو بين البيبان إلى سوق البيازين و العطارين نحو باب الفحص ثم إلى السوق البراني نحو طريق فاس .
وكان هذا المسار الضيق محميا بحراسة مشددة بين كل باب و باب .و قد تشكل هذا النمط الدفاعي بداية سنة 1860 م و بقي كذلك حتى بداية بوادر انفتاح المغرب نحو أوروبا حيث تم سنة 1898 هدم باب الفحص القديمة و بناء االحالية بشكلها و هدمت باب مرشان بطريق التلغراف البريطاني و هدمت أيضا باب فاس بداية القرن العشرين .كما أنه تم هدم الأبواب المغلقة المذكورة باب محمد الطيب و باب القائد علي بداية سنة 1905 م .كما أنه سنة 1898 تمت توسعة باب سوق السمارين الدخلانية و اصبحت تعرف بباب التوام و بعدها بقليل تم فتح باب قاعة الخضرة الدخلانية التي هي من جهة الصياغيين .
.لقد نشرت هذ البحث الصغير و الغير المسبوق في كتب التاريخ و الوصف لمدينة طنجة في ذكرى القائد الفاتح علي بن عبدالله الحمامي الريفي المتوفى سنة 1713 م و هو البحث في قيمة و مكانة هذا الرجل الذي يعتبر فضله كبيرا في تاريخ المغرب على المدن المحررة من الإحتلال كالمهدية و طنجة و العرائش و بادس و أصيلا .و أريد أن أذكر أن إسم علي بن عبدالله الحمامي الريفي ليس للمتاجرة به للدعايات الإنتخابية أو استغلال دعائي و الفهم يفهم علاش كنهضر شخصيا أستف التراب و لا أبيع و أشتري بقضية طنجة . 

السبت، 13 يونيو 2015

الأسرار الخفية من تاريخ طنجة : الكشف عن مكان البناء الأول من مسجد القصبة بطنجة :


توطئة  
ارتبط بناء المسجد الأعظم و مسجد القصبة بفتح طنجة سنة 1095 هجري .و قد أرخت رسالة من السلطان المولى إسماعيل للقائد علي بن عبدالله الحمامي الريفي في رجب من سنة 1095 ه بالأمر ببناء هاتين المعلمتين الإسلاميتين الكبيرتين و هذا نص الرسالة الإسماعيلة نقتطف منها مايهم موضوعنا :..إذنا لخديمنا الأرضى الأنصح الأحضى القائد علي بن عبدالله أن يحوز ما يكفي المخزن من بلاد فحص طنجة التي فتح الله على أيدينا و يحوز ما يكفي المسجد لأحباسه و ما يكفي السور لأحباسه ....و كتبت الرسالة في الرابع عشر من رجب عام 1095 هجري .ما يهمنا في النص ما أورده عبدالرحمان بن زيدان ص 39 :فامتثل القائد المذكور جميع ما أمر به و قام في ذلك على ساق و بنى الأسوار و المعاقل بناءا محكما و أصلح كل ما فسد من الدور و غيرها و أسس المسجد الأعظم و مناره ثم مسجد القصبة القديمة .
 لمحات من القصبة بطنجة 1- 
هي المركز الدفاعي و الإدراري للمخزن و تمثل القصبة رمزا سياسيا للحكم حيث بها مركز الحكام الدائم و بها الثكنات و بها مركز القضاء و مركز العقاب كالسجون و بها بيت المال و استخلاص الضرائب المخزنية .و لكن المدينة الإسلامية لا يمكن اكتمال أركانها إلا بأماكن العبادة فكانت الأولوية تقتضي بناء مسجد بها بعدما تم بناء المسجد الأعظم جنوب شرق القصبة .وقد اختلف الباحثون في أكثر من بحث حول تحديد من بنى مسجد القصبة الحالي .حيث أن منارته الثمانية شكلت بالنسبة لهم عائقا لربط البناء بالقائد علي بن عبدالله الحمامي الريفي و بين ابنه الباشا أحمد بن علي الريفي ذلك أن هذا الأخير هو الذي اشتهر في مغرب القرن الثامن عشر بإدخال المآذن الثمانية الشكل للمغرب و هي المعروفة في كل من طنجة و تطوان ووزان و الشاون .و بقي هذا الإشكال يحيل دائما أن البناء الأول للمسجد كان للقائد علي و تمت توسعته من طرف ابنه أحمد.
2- شكوك في الوصف و اختلاف في المظهر :
لقد كانت لأبحاث كل من بوفا و كابريل شارم و جورج سلمون و ميشوبيلير في موضوع القصبة نقطة البداية في إرساء تاريخ قصبة طنجة غير أن المستشرق الشهير جورج سلمون من خلال بحثه المنشور في الدخائر المغربية تحت عنوان قصبة طنجة لم يكن موفقا بشكل كبير ,في حين أن مواطنه ميشوبيلير أجاد في بحثه المنشور في مجلة العالم الإسلامي و في فقرة القصبة التي نشرها في كتاب طنجة و ضاحيتها و بدل مجهودا متقدما في البحث بأكثر دقه من ج.سلمون .و لعل ما يسترعي انتباهنا جيدا في البحث المنشور في الصفحة 169 مضمنه :أنه لاتوجد كتابات على المسجد تدل على تاريخ الناء الحالي لكن يعتقد أن عليا بن عبدالله هو باني المسجد لكن بالقطع أن مئذنته بناها ولده احمد بن علي الريفي ووسع المسجد و اضاف إليه الأقواس و الزخارف في الوقت الذي بنى فيه القصر سنة 1737 م .
3- هاتي يديك و سنتعلم تاريخ طنجة معا و سنكتشف موضع البناء الأول لمسجد القصبة :
لقد أحالتني الشكوك بداية في مقال جورج سلمون و بعد قراءة نقدية متفحصة متعنة و مدققة اكتشفت أن المستشرق البارع جورج سلمون .اعتمد في صياغة بحثه على نمطين في منهجية بحثه .المنهجية الأولى وصفية أنطلوجية بحثة و أقحم رواية شفاهية محلية ضمن بحثه محيلنا أنها تاريخ دقيق معتمد من مصادره و قد أبان بشكل فاحش عدم قدرته التمييز بين القائد علي بن عبدالله الريفي و الباشا أحمد بن علي و السبب في هذا الأمر أن ج سلمون اعتمد على أصل تاريخي بنى عليه بحثه ذلك أنه اعتبر قلعة علي بن عبدالله الحمامي الريفي هي قصر الباشا أحمد بن علي على أساس وجود تلك القلعة عبارة عن خرائب و أطلالا معتمدا على أصل واقع في تاريخ المغرب مفاده أن السلاطين عند قضائهم على منافسيهم في الحكم يتم هدم دورهم و قصورهم و مصادرة أموالهم و اعتقد ج سلمون أن السلطان عبدالله بن إسماعيل لما انتصر على الباشا أحمد بن علي الريفي في معركة القصر سنة 1743 و دخل طنجة ,فقد هدم داره التي اعتقدها سلمون أنها هي قلعة علي بن عبدالله الحمامي الريفي .و سيظهر مقدار الخطأ الذي وقع فيه المستشرق في وصف القصر و عدم قدرته على فك شيفرة تاريخ البناء وقت سعيد مبارك التي تعني 1151 هجري 1740 ميلادي و أراد ميشوبيلير إحالة تاريخ البناء بتاريخ سكنى السلطان زين العابدين بن إسماعيل طنجة و نودي به سلطانا من طنجة على شمال المغرب .غير ان هذا الشاهد يدحضه تماما البحث الماتع الذي نشره فالديراما سنة 1953 بتطوان حول الكتابة الحائطية بقصر تطوان و التي تشبه نفس الأنماط المستخذمة في قصر طنجة و تاريخ بنائه كان سنة 1737 م و بالتالي وضح بما لا يدعو للشك مدخلا أن النمط الهندسي المتبع في كلا القصرين هو نمط مريني مغربي خالص اعتمده الباشا احمد بن علي الريفي في هندسة قصوره و بقية الأبنية التي خلفها في مغرب القرن الثامن عشر .
4 - مسجد القصبة الأول بين القائد علي بن عبدالله و أحمد بن علي الريفي :
كما أسلفت في الفقرات السابقة أن ميشوبيلير قد قام بمجهود كبير في وصف القصبة اكثر من غيره ممن سبقوه و كان لبحثه الأول حول القصبة المنشور في مجلة العالم الإسلامي و المتعلق بمتعلقات المخزن و الأحباس قد دفعه لإعادة نشره جزئيا في كتاب طنجة و ضاحيتها سنة 1921 .و كان لخريطة القصبة التفصيلية أهمية كبرى عمن سبقها من خرائط تكاد تكون عامة و غير مفصلة كما قام بها المستعرب ميشوبيلير و المنشورة في الصفحة 160 من الكتاب المذكور .
و لعل أهم مايلفت انتباهنا بشكل كبير في تلك الخريطة وجود قطعة أرضية مربعة الأضلاع مستقيمة الزوايا وسط ساحة المشور و كانت تحد بين الزنقة الطويلة و السجون مشكلة زاوية مستقيمة و بقيت فارغة حتى حدود كتابة الكتاب سنة 1921 م غير أني بما عاينته من وثائق أخرى و صور فقد بقيت هاته القطعة على حالها حتى حدود سنة 1935 .و أحالها ميشو بيلير إلى الرقم 21 في خريطته بإسم دار المعاز - كناوة .و لم يجد بيلير لنفسه تفسيرا واضحا يمكنه من معرفة السر في تسمية تلك القطعة الأرضية بدار المعاز و أحال في ص 176 تفسيرا وصفيا رآه مخرجا لإسم دار المعاز :مضمنه من الصفحة المذكورة في فقرة دار المعاز -كناوة : في ساحة بيت المال توجد قطعة أرضية أو مكان يسمى بدا المعاز المنزل الذي يأوى فيه الماعز التي تمتلكها بعض العائلات و الخدم السود ( العبيد) الذين يسكنون في بعض الخرائب القريبة حيث توجد مطابخ القصر و الرياض و المعرفة بساحة العبيد أو كناوة ..
و إن هذا الوصف يعتبر كافيا شافيا لمن يتتبع حلقات التاريخ و يستخرج من الأدلة الأجوبة عن كل سؤال قد يخطر على بال غير أن ميشوبيلير غابت عنه فطانته و يبقى تاريخ بلدتنا كما سبق لي أن ذكرت في أكثر من مرة لن يعرفه و يخبر أسراره كما نحن أهالي المدينة لأن جزءا من التاريخ المحلي مازال ينقل جيلا عن جيل شفويا قد يسمعها المتخصص و لا يأخذ لها بالا أو يعطيها اعتبارا .
5- فك الرموز من التخريق و التحريق و التغريق للأدلة التاريخية :
1-لنفهم ما حدث :
كما هو معروف بالقطع أن دخول المجاهدين و الجيش الريفي و ما سمعت من قبل أن أندلسيا شارك في معارك التحرير .و قدتم عبر باب مرشان للوصول نحو القصبة حيث كان مركز القيادة البريطانية و كما هو معلوم أن القصبة كانت منطقة محصنة و مغلقة لا يمكن الدخول إليها إلا عبر بوابة واحدة كما تدل الخرائط البريطانية نفسها .و بعدما تم هذا بفضل الله و منته كان هم المجاهدين الأول ليس شرب قنينات الخمر المعتقة للحاكم مديلطون الذي غادر طنجة قبل 11 سنة من فتح طنجة .فقد كان أول مايشغل بال المجاهدين و المحاربين الشجعان هي الصلاة ثم الصلاة .و كما سبق أن ذكرت في الفقرة الأولى أن كتاب السلطان المولى إسماعيل للقائد علي بن عبدالله الحمامي الريفي بالأمر ببناء المسجد كان في رجب من العام 1095 هجري و كما هو وارد بالتواتر الذي لاشك فيه أن الفتح العظيم كان في ربيع الأول من نفس العام أي خمسة أشهر كاملة من الفتح و بالتالي كان الجيش المرابط داخل القصبة التي تعتبر رمزا للفتح , ملزما بأداء و إقامةالجمع و الجماعات من الصلاة و رفع الآذان كيف لا ؟؟و هي من صميم عقيدته و صلب تفكيره و من أجل إعلاء كلمة الله و كلمة الله أكبر حارب و جاهد و قاتل و رحل و بدل الغالي و النفيس لتحرير الأراضي المحتلة من هذا الوطن الكبير .
2-الموازنة بين مسجد القصبة الثاني و المسجد الأول :
في نص ابن زيدان إشاراتان في غاية الخطورة و الأهمية حيث قال :...و أسس المسجد الأعظم و مناره ثم مسجد القصبة القديمة و في أواخر ربيع الأول رجع لفاس من خرج منها لفتح طنجة من الأشراف و الفقهاء و الأعيان...ا.ه و نفهم من هذا النص أن المسجد الأعظم قد شيد بعد تلقي الأمر من السلطان في رجب من العام 1095 هجري و تم تشييده بمنارته أي بصومعته .بينما توقف المؤرخ ابن زيدان بالقول: مسجد القصبة القديمة ,دون أن يشير إلى منارته و يفهم من ذات النص أن المسجد الأعظم هو المسجد العتيق في طنجة .غير أني عندما أعود إلى تفكيك أحداث الفتح العظيم نجد أن المجاهدين الريفيين بداية عسكروا بمنطقة بوبانة من سنة 1678 إلى سنة 1684 م و بالتالي كان حتميا في معسكرهم هذا أن يكون لهم مسجدا و كما هو معروف أن مسجد الجامع المقراع ما سمي بهكذا إسم إلا لكونه لم تكن له مئذنة و كان يشارع إليه لمعرفته بالمقراع و هي العصا الغليظة و معناها لغويا : المِقْراعُ أَداةٌ كالفأس تُكسَرُ بها الحجارة و في البربرية الأمازيغية أقراع هي العصا هذا ما لم يكن إسمه الأصلي جامع المقراب و هو مسجد الطريق المختصرة وهذا ما أميل إليه .و غن كنت سأحتج بالقول الأول أنه جامع المقراع حيث درجت العادة في المساجد البدوية قديما ان لا تكون بمشيدة بالمآذن و بالتالي تستعمل وسائل بديلة للتعريف بمكانها كالرايات الخضراء و العصي الطويلة ..إلخ .
في ذات النص الذي أشرت إليه في هاته الفقرة أشار المؤرخ عبدالرحمان ابن زيدان إلى إشارة بالغة الأهمية بالقول : في أواخر ربيع الأول رجع لفاس من خرج منها لفتح طنجة من الأشراف و الفقهاء و الأعيان.حيث لم يبقى في طنجة إلا الجيش الريفي و جيش المجاهدين و لا يفوتني في هاته الفقرة أن أرد على ما ساقه العلامة المرحوم الدكتور عبدالله المرابط الترغي في مقدمة مقاله فتح طنجة في الأدب المنشور سنة 2000 بمجلة دعوة الحق بإشارته أن الشيخ بوعراقية كان مصاحبا للمجاهدين في حملة البريح التي أطلقت في المغرب و هذا قول ينقصه الدليل و يعتريه نوع من المبالغة و الإقحام دون سنذ و مرجع تاريخي محقق يصل إلى حد الإعتماد عليه .و على كل حال إشارة ابن زيدان أن جميع المصاحبين للحملة قد رجعوا أواخر ربيع الأول عام 1095 هجري .غير اني سآخد من هذا النص الأشراف و الفقهاء الفاسيين و لا شك أنهم كان لهم دراية كبيرة بتحديد اتجاه القبلة و مواقيت الصلاة و هو مايعرف اصطلاحا بالمؤقتين .
3- مابين القرويين و ما بين مسجد القصبة بقية من أثر :
لقد هدم المسجد الأول و بنى أحمد بن علي المسجد الجديد بالقرب من المشور و القصر في أقصى تقدير بعيد توليه الحكم بطنجة في رمضان من العام 1713 م .لكن إسم المسجد بقي إلى حدود القرن العشرين و حتى أن الفضاء الذي بقي فارغا من ذلك المكان كان يطرح أكثر من سؤال عن السبب الذي يجعل ذلك المكان قطعة أرض فارغة مع أن مساحة القصبة إجمالا ضيقة و لم يجرأ أحد على استغلالها رغم تعاقب الأزمنة ؟بكل بساطة لأنها كانت ضمن الأحباس الإسلامية بالرغم من عدم ورودها في الحوالة الحبسية لسنة 1914 ذلك أن الوثائق التي وصلت إلى ميشوبيلير هي بالقطع في مجملها مزورة أو غير ذي أهمية كبيرة بالنسبة للمخزن لأن المغاربة لم يكونوا يأكلون التبن و الشعير ليسلموا تلكم الوثائق بتلك السهولة للفرنسيين و هذا موضوع آخر و هي أصلا مبعثا للشك تلك الوثائق المنشورة لخلوها أولا من وثائق أحباس الجهاد الذي تم إلغاؤه في المغرب سنة 1915 بقوة القانون الفرنسي .فلاداعي لنأخذ بكل ما يصل إلى أيدينا أنه نص قطعي يعتمد و يعول عليه .هذا مرفوض بالنسبة لي في مدرسة التاريخ الحديث لطنجة التي أسستها كأطروحات منهجية في كتابة تاريخ طنجة .و إعادة التمحيص و القراءة من زاوية الرؤية في نصوصه أصبحت ضرورة علمية سواء الأجنبية منه أو المحلية .شيء مرفوض أن آخذ بالنصوص لمجرد أنها ورق قديم لن اسلم بها و لن تسلم به قناعاتي التي ترسخت في وجداني بما رأيته من تزوير واضح للتاريخ .
كما قلت آنفا أن بيلير أشار لنا في مقالة بحثه حول القصبة أن الركن من الزنقة الطويلة و ساحة المشور هي بقعة ارضية عارية تسمى بدار المعاز -كناوة و كما هو معروف أن تسمية كناوة قديما تعني عبيدا و كما هو معروف أن السلطان محمد بن عبدالله عندما سجن القائد عبدالصادق بن احمد سنة 1766 بمكناس .أرسل حوالي 3600 من العبيد نحو طنجة لضبط النسيج الإجتماعي الذي كان في غالبيته من الجيش الريفي و قد بقي العبيد في طنجة لمدة 12 سنة حتى سنة 1778 م .لكن ما فات بيلير في تفسيره لدار المعاز أنه لم يتفطن إلى الفارق الزمني بين فتح طنجة و بداية بناء المساجد خمسة أشهر دون احتساب الإنتهاء من بنائها .
الحقيقة أن نص ابن زيدان يحل هاته الأشكلة بالإضافة إلى نص آخر تم نشره سنة 1988 لا يتعلق بالتاريخ لكنه كالضوء الكاشف لفك هاته الرمزية إن الأشراف و الفقهاء من فاس هم من نقلوا هذا المصطلح نحو طنجة ذلك أن في صحن مسجد القرويين بفاس توجد باب بوسط الصحن يدعى باب العنزة بفتح النون لا بسكونها و هو المكان الذي يشير إلى حيث كان المحراب الأول قبل أن يوسع الجامع و تضاف إليه زيادات متعاقبة و هي ليست المعزة أو العنزة من الحيوان و لكنها العنزة بفتح النون و هي عصا في قدر رمح فيها سنان و وهي مثل الرمح يتوكأ عليها الشيخ الكبير و هي العصا التي توضع مثبثة أمام الإمام كسترة بين يديه للصلاة .وعلى ضوء هذا كان هذا الموضع يسمى مسجد العنزة و حرفت الكلمة إلى دار المعاز لطول عهد الناس بنسيان أمر هذا المكان بعد تشييد المسجد الحالي في زمن القائد احمد الريفي 1713-1743 دون نسيان بعد استيلاء العبيد البخاري على قصبة طنجة سنة 1766 و ترحيل حاشية و أبناء القائد عبدالصادق بن أحمد الريفي الذي سكن جنان قربطان من سنة 1745 إلى سنة 1765 .
....الحمد لله و له المنة و الفضل فاللهم إني اعوذ بك من الحور بعد الكور و من العمى بعد البصر و لله الحمد في الأولى و الآخرة كتبه ابنعبدالصادق الريفي .

المبتدأ و الخبر من أصل إسم القورجة في المغرب :


في اللغة عادة ما نبدأ بالمبتدأ و يليه الخبر ,على عكس التاريخ الذي يبدأ بالخبر و ينتهي إلى معرفة المبتدأ منه .كما أن النحاة في اللغة العربية يقعدون اللغة على أساس أن الأسماء سابقة على الأفعال ,ومن هنا أبدأ بحول الله تعالى في تفصيل هذا الأمر من أمر القورجة لمعرفة أصلها ورافدها اللغوي و الإصطلاحي وكيف وصل هذا الإسم إلى المغرب ليصبح في النهاية مصطلحا دفاعيا في الشؤون العسكرية ..
فاللهم إني أعود بك من الحور بعد الكور و من العمى بعد البصر و الحمد لله على منته و فضله علي بما أفاض به و جاد علي من قبس هذا العلم الذي أحببت أن أشارككم به لتصحيح التاريخ و ضبط أصوله و و معرفة روافده .
1-ديوان الخبر في معنى القورجة :
القورجة كما عرفها معجم الألفاظ العمرانية بالمغرب تعريفا و اصطلاحا هي ستارة ثانوية تربط البرج البراني بالسور الاصلي و تستهدف غلق الطريق أمام الأعداء في أضعف نقطة في السور.ه. وأحالوا تتمة التعريف على مادة البدن حيث جاء:جذع العمود للقسم الاسطواني الواقع بين القاعدة و التاج ...وهو حائط يجمع بين استحكامين .
هذا التعريف الكافي و الشافي هو تماما يعبر بالوصف عما عليه قورجة طنجة التي ظهرت في صور القرن العشرين و قبلها بكثير في رسم جورج براون لسنة 1572 م .
و يتشكل الجزء الدفاعي في الشمال الشرقي من مدينة طنجة جهة المرسى من ثلاثة أبراج متداخلة فيما بينها وهي دار البارود و كانت في مقدمة البرج من جهة دار البارود و برج بريشة من جهة البحر و به مدفعية الإمسترونغ , و البرج البراني على البحر بشكل نصف دائري وهو برج شاشون و قبل المنفذ من جهة المرسى لهذا البرج كانت القورجة التي هي عبارة عن سور داعم مابين السور الرئيسي ومدخل برج شاشون ( انظر الصور) .هذا بالنسبة للتعريف العام .
أما بالنسبة للإسم الذي أشارت له المصادر التاريخية المغربية ,فقد احتفظت به رسما دون الضبط .ماعدا الإشارة الهامة التي أشار إليها عميد مؤرخي المغرب عبدالرحمان بن زيدان في كتابه الإتحاف في الجزء الأول في الصفحة 120 قوله :و اما زاوية القورجة =بتشديد الجيم كما رأيته في خط ابن غازي.فقد عفى منذ أزمان إسمها و إن بقي إلى الحين رسمها في الجملة و موقع مسماها بالمحل اليوم ..انتهى .و قد اشار صاحب المعجم ايضا إلى ضبطها بالقول : قال السيد سالم : ما أقامه الموحدون بنيان البرج البراني المعروف ببرج الذهب مع قورجته -فتحا للراء و الجيم -المتصلة بالسور الرئيسي .و قد قصد ببرج الذهب, البرج الذي يوجد في مدينة إشبيلية المعروف برج الذهب هوَ من معالم إشبيلية الباقية. وجاء في الموسوعة الحرة : فقد بنى وشيّدَ سوره الأماميَّ الحاكم أبو العلا إدريس عـام 1223م، وحفرَ حوله خندقاً ومدَّ منه سوراً قليل الارتفاع إلى نهر الوادي الكبير ببرج ضخـم كبـير الأضلاع هـو بـرج الذهب القائم حتى اليوم..
نستنتج بالقطع دونما الشك من النصين :أن القورجة هي مجرد حائط ثانوي دفاعي على شكل سد بين السور الأصلي للمدينة و البرج البراني و لا يرقى في كل الأحوال إلى برج .و يتضح أيضا من خلال جميع المصادر أن القورجة كحائط دفاعي هي استخذام حربي قام به الموحدون خلال القرن الثالث عشر الميلادي ولم يعرف المغرب قبلا أو بعدا هذا النمط الدفاعي في تحصيناته .و بالتالي يبقى السؤال المحير و العجيب في إسمها على التخصيص بلفظ القورجة بالتعيين و التحديد دون غيرها من الاسماء ودونما إضافة أسم مركب كبرج أو بستيون ...
2- ديوان المبتدأ من دربند كورائي في أرمينيا إلى القورجة بالمغرب ثم الأندلس :
يخبرنا القرآن الكريم أن ذا القرنين هو الذي أنشأ السد و الردم كجزء تحصيني لصد الهجمات الخارجية بقوله تعالى : قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا..) و قد اختلف العلماء على مر التاريخ في شخصية ذي القرنين .غير أنه في المنتصف الأول من القرن العشرين اهتدى العالم الهندي المسلم أبو الكلام أزاد بعقليتة الجبارة في البحث و التنقيب إلى التوصل إلى شخصية ذي القرنين, وحتى لا أطيل عليكم في تفاصيل معقدة يمكنكم التوسع فيها عبر الشبكة .فقد خلص العالم أبو الكلام أزاد أن ذا القرنين باني السد هو قورش الإخميني وقد عاش في القرن السادس قبل الميلاد
.
وكان المؤرخ الإغريقي هيرودت الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد صاحب كتاب التاريخ الأول قد أشار بنحو من التفصيل لقصة قورش الأكبر و ابنه قمبيز و يعرف كذلك بكمبوش و كمبوشيا الأصغر وهو فاتح مصر .وكانوا قد استدلوا على رحلته بعدد من المعطيات الجغرافية كوجود نهر بإسم سايرس بالأرمينية و سايس باللآتينية و يعني نهر قورج .بالإضافة إلى وجود سد كما وصف في القرآن بإسم دربند كورائي أي حائط قورش .غير أن قصته لا تقف عند المؤرخ هيرودت فقط, بل تعدت إلى المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس الذي عاش بين 30 ميلادي و 100 ميلادي وكان نهاية حياته , يعيش في روما وكان قد أشار في كتابه تاريخ حرب يهودا ضد الرومان المؤلف في 78 للميلاد. إلى رحلته نحو أرمينيا للتحقق من السد دربند كورائي .
المهم حتى لا أثقل عليك بمعلومات كثيرة يمكنك العودة إليها عبر الشبكة بكتابة فقط الكلمات المفتاح التي أشرت غليها و اختصارا على نفسك يمكنك البحث عن كتاب أبو الكلام أزاد في ترجمته بالعربية ليتضح لك المشهد العام لتلك التحقيقات التاريخية .
ما أود الإشارة إليه من التقديم هو أن المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس الذي عاش في أحضان الإمبراطورية الرومانية و التي كانت تبسط سيطرتها على شمال إفريقيا حتى القرن السادس الميلادي وكانت عاصمتها بالمغرب مدينة وليلي بالقرب من مكناس .وأشير قبل أن انتقل إلى الفقرة الموالية أن قورش الكبير هو الذي حرر اليهود من سبي بابل و ذكر إسمه صراحة في سفر دانيال و أشعيا و عزرا بكورش بالعبرية و قورش باللآتينية وكان للإمبراطور الإيخميني مكانة خاصة عند اليهود بعدما حررهم و أعادهم إلى فلسطين و وأعاد بناء هيكل سليمان الذي كان قد دمره نبوخد نصر الثاني .


3- الوجه العلائقي للتاريخ المكتوب و الذاكرة الشعبية الشفوية من إسم قورش و قورجة :
تتمة موضوع : المبتدأ و الخبر من أصل إسم القورجة في المغرب :
السؤال الوجيه و المحير, ماوجه العلاقة بين تاريخ ضارب في القدم يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد مع تاريخ القرن الثالث عشر الميلادي و العصر الموحدي أي مجموع 1900 سنة .؟؟قد يبدو الأمر محيرا فعلا .لكن لنبدأ في تفكيك هاته العلاقة و نسبتها من الصحة في التاريخ الشفوي الذي ينتقل من جيل إلى جيل و يتحرك بحركة الشعوب حيث يعتبر التاريخ الشفوي المنقول من أرقى التواريخ على الرغم مايشوبه من بعض النواقص في الرواية . و الموضوع الذي أعالجه اليوم ليس بالسهل, لأنه يعتمد على معرفة جيدة باللسانيات و اللغات الشرقية واللآتينية و العبرية القديمة و العربية و الدارجة المغربية و تأصيل قواعدها .فإنني بحول الله و منة منه سأشرح لك بعضا مما يهمنا في هذا الموضوع بالذات .
و من الفقرة الأولى و الثانية خرجنا معا و اهتدينا إلى المصطلحات التالية :
1- قورش
2- سايس كور
3-كمبوش
4- أخناتون
مما لا شك فيه أن هاته المصطلحات تكاد تنحسر في منطقة واحدة انطلاقا من جهة مكناس ثم نحو الشمال و تنحسر بشكل ضيق جدا بمنطقة الجديدة .وكما أشرت بداية أن الرومان كانت عاصمتهم وليلي وهنا يتضح لنا الإمتزاج الحضاري غير أني لا يمكن أن أتجاوز الطرح الذي قال به عبدالله العروي في كتابه مجمل تاريخ المغرب أن الحضارة القرطاجية تلاقت بشكل كبير مع الأمازيغ .و أي تكن البدايات فما أخلص إليه أن حضارات الشرق أثرت بشكل كبير في الثقافة المغربية بقيت رواسبها إلى اليوم .
1- تفكيك المصطلحات بين التأصيل و التفريع :
قورش : وهو على ثلاثة أضرب قورش و كورش و قورج و نأخذ باللفظ العبري كورش و كما هو معروف في المغرب أن الكاف المعقودة كآجادير لا تنطق إلا في مناطق الوسط و الجنوب بينما تنطق في الشمال قافا كقفة و كوفة وقلعي و كلعي و قل و كل .أما الشين تصبح جيما عندنا في المغرب في المناطق الشمالية و القريبة من الشمال على نحو المشحاح فتصبح المجحاح و بالتالي :تصبح عندنا كلمة كورش العبرية نطقا قورج .
سايس : و هي منطقة قرب مكناس منطقة أودية مائية قديمة و لها نفس الخصائص الجغرافية بنهر سايس في أرمينيا و هي هناك سايرس غير أن في اللغة اللآتينية يكتبونها سايس كورش و تعني نهر قورج .
كمبوش : كما قلت في السابق هو قمبيز الأصغر ابن قورج و قد حكم مصر في القرن الخامس قبل الميلاد و الذي يجول في مناطق المغرب يعرف أن نساءا في المغرب إلى اليوم يحملن هذا الإسم كمبوشية و هناك عداءة مغربية أولمبية حاليا تحمل هذا الإسم كما ان هناك افرادا جهة الدار البيضاء يحملون إسم الكمبوشي كمبوش كإسم عائلي و لدينا ممثل مشهور في المغرب بفرنسا يحمل اسم كمبوش كإسم عائلي ..
اخناتة : و الأصل منه الملك الفرعوني أخناتون و الذي مات في 1300 قبل الميلاد و كان اشهر من حملت هذا الإسم بالمغرب أم السلطان عبدالله بن إسماعيل المكناسية الأصل خناتة بنت بكار و مازال مسجد البرادعيين يحمل إسمها إلى اليوم و هو المسجد الذي سقطت صومعته سنة 2009 بمكناس .و ينتشر هذا الإسم في المدن التاريخية كمكناس و تطوان و طنجة و بعض المناطق النائية بالمغرب و لا يحبونه و يعتبرونه عيبا جهة الدار البيضاء . و تم حذف النون و إضافة تاء الثأنيت . و من الأخطاء الشائعة في المغرب تقعيد التأنيث بإضافة التاء المربوطة كعروسة و هي لا تصح إلا من عروس في العربية إلخ
2- مابين قورج و كمبوش العلاقة و الإستمرارية :
كما خلصنا أعلاه أن كورش بالعبرية تصبح لسانيا قورج بالمغرب و عندما يتم تأنيث الكلمة يصبح بهذا الرسم قورجة و ما سميت قورجة إلا بسبب انطباقها على الشكل الذي بنيت به بشكل حائط و كما قلنا أن القورجة كما عرفها ابن سالم أيام الموحدين هي عبارة عن حائط ساتر و ستارة دفاعية تحمي البرج البراني و بالتالي فهي السد و الذي اشتهر في الأولين ببناء حائط السد الذي يصد الهجمات الخارجية هو قورج الإخميني المعروف عندنا في القرآن بذي القرنيين .فهذا الشكل الدفاعي أخذ إسمه الإصطلاحي من إسم مخترعه كما هو اليوم الحال ساندويش و فورد و غيرها من الأشياء التي تحمل أسماء مخترعيها أو مكتشفيها و أضيقت التاء المربوطة للتأنيث تقعيدا بالشكل الذي أشرت إليه أعلاه .
أما كمبوش الذي حكم مصر فهو ابن قورج الإخميني لكن الذي يجعلنا نتوقف قليلا في حيرة كبيرة هو الإسم حيث نجده في مناطق القريبة من الشمال كإسم للنساء غير أننا في الشمال مازلنا نحتفظ بهذا الإسم كما هو الحال في مناطق محيطة بتطوان و المناطق الجبلية فكلمة كمبوش تستعمل بشكل واسع بفتح الكاف و ضم الشين و قد عرفه اللسانيون بالقول : تتعامل العامة مع الدخيل -بالمفردات ككيدر و الأصل منها يوناني كيدرا لا كما ذهب إليه صاحب المعجم الذي أحالها إلى الإسم العربي المركب الحمار الكدر أي الغليظ القوي .هاته مسألة اخرى أعود إليها فيما بعد- . يضيف صاحب المعجم :أما كلمة كمبوش من الدخيل في اللسان الدارج الذي تحركت به ألسنة أبناء الشمال و هو عبارة عن برقع و غطاء يغطى به وجه العروس في يوم العرس .لكنني أستطرد على هذا التعريف بالقول إن عرفت شيءا فاتتك اشياء و لنحاول تجميع افكارنا لأن الحقيقة في ثناياها و لا نراها بزحمة المعلومات .فإذا كان الكمبوش هو برقع و غطاء الرأس ,فمن الحضارات التي عرفت بشكل كبير بغطاء الرأس هي مصر القديمة و اسم خناتة أصله من مصر و هو أخناتون الذي ارتبطت قصته بالنبي يوسف عليه السلام فهو الإسم الذي يكاد ينحسر في المغرب و بالتالي نستنتج يقينا أن كمبوش و اخناتون وردا إلى المغرب عبر الثقافة الشفوية اليهودية .
و في النهاية أكاد أخلص إلى حقيقة واحدة بعد تجميع هاته المعطيات هي أن اليهود في مرحلتين مختلفتين هم الذين حملوا هذا الكم من المعلومات معهم شفويا في هجراتهم نحو المغرب و بالتالي تم شيوعها و ذيوعها في المنطقة التي كانوا يسكنون بها و من خلال العرض الذي قدمته في البداية فأول ما ظهرت هاته المصطلحات هي مكناس و المنطقة المحيطة بها وكيف لا و اليهود المغاربة القدماء كانوا بتلك المنطقة ....
اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور و من العمى بعد البصر فإن أصبت فمن الله و منة منه و إن أخطات فمني و من شيطاني .و الحمد لله في الأولى و الآخرة . 

المعرفة من الأسماء المجهولة و المتروكة في طنجة القديمة :أحفير :


قال أبو عبدالله محمد الصغير اليفرني في كتابه روضة التعريف ص58 نقلا عن كتاب الأنوار:في خبر فتح طنجة émoticône frown ثم حفرا حفيرا بقرب الماء المسمى بساقية بوليف في ذلك المكان فانحذر الماء وانعكس لموضع يسمى بقبة السلطان بقرب وادي يعرف بوادي اليهود من تلك المواطن فاشتغل العسكر بالحفير إلى أن بلغوا الأبراج ....فهدموها بالبارود وزادوا بالحفير حتى بلغوا قصبة مبنية تسمى بمرشان فدخلوها عنوة .ففر من كان بها من النصارى .)
فالحفير هنا في هاته الفقرة تعني لكل واحدة معنى مخصص مع بقاء نفس الكلمة. فكلمة :فحفر حفيرا بقرب الماء تعني في المفردات اللغوية الحربية البئر الموسعة فوق قدرها لكي لايتجمع الماء فيها .أما في الكلمة الثانية : وزادوا بالحفير حتى بلغوا قصبة مبنية تسمى مرشان فالحفير هنا يعني الجدث و الخندق. يقول الأنصاري وعدد الحفائر أربعة الحفير الكبير المحيط بالربض البراني و قصد بالحفير الخندق كالقبر في ضيقه وهو خندق حول اسوار المدينة .و قد بقي مكان الحفير معروفا بالإسم حتى بداية القرن العشرين و يسمى الحفير و ينطقها الأمازيع كذلك أحفير .وكان المستعرب الفرنسي ميشوبيلير قد تلاعب بنوع من الأدلة في سياق كتابه وذكره على عجل لكنه ركز أن ذلك المكان يعرف بإسم عقبة الخروبة أو طريق التلغراف الإنجليزي .و يجدر بي القول هنا أن الأسماء الدفاعية التي تحيل إلى التاريخ الحربي للمدينة حاول الأجانب طمس معالمها .كطريق الحفير التي تعرف عندنا اليوم بعقبة القصبة .كما تم طمس إسم سقالة و استبدالها بباب مرشان و سقالة هي البرج في معناها .
.إن الكتابات التاريخية الموجهة, على الخصوص الكتابات الكولونيالية .فقد لعبت أدوارا خطيرة جدا في تغيير الكثير من التاريخ و الإلتفاف على الحقائق, كباب العسة التي أحالوها بقوة القلم إلى باب العصا. كيف لا؟؟ و هم الفرنسيون أنفسهم قد فرضوا علينا نحن أبناء عائلة الحمامي الريفي التي عرفت على مر التواريخ بهذا الإسم في المصادر و المراجع و الووثائق التاريخية , بتغيير إسم العائلة إلى ابن عبدالصادق بالقوة الإدارية , في محاولة يائسة و بائسة لقطع الصلة بين تاريخ الأجيال المشترك بين الجيل الأول و الجيل المتأخر ,فإسم ابنعبدالصادق كإسم عائلي لم يعرف إلا بعد سنة 1903 في طنجة .