الثلاثاء، 9 مارس 2010

تقديم كتاب نزهة الإخوان

اسم الكتاب المنشور: نزهة الإخوان في أخبار تطوان المؤلف : عبد السلام بن أحمد السكيرج – ت 1250 هج– تقديم و تحقيق : يوسف احنانة تاريخ النشر : تطوان 2005 مطبعة الخليج العربي عدد الصفحات : 174 حجم 17x24 تعريف نسخة المخطوط : توطئة :يعتبر نشر مخطوط:( نزهة الأخوان وسلوة الأحزان في الأخبار الواردة في بناء تطوان و من حكم فيه أو تقرر من الأعيان) لمؤرخ تطوان الأول عبد السلام بن أحمد السكيرج ,من المبادرات المستحسنة و المسبوقة من قبل المحقق يوسف احنانة, سنة 2005 .و كانت قبل هذا جمعية تطاون أسمير قد شرعت أوائل سنة1998 في نشر كتاب عمدة الراويين في تارخ تطاوين لأبي العباس أحمد الرهوني في أجزائه العشرة ,و يكون المحقق يوسف احنانة بذلك قد أضاف إلى المكتبة التاريخية البلدانية أحد المصادر التي كانت تنقص المكتبة التاريخية التطوانية بعد صدور تاريخ تطوان لمحمد داود و العمدة للرهوني المنشورين و المطبوعين على الحروف , وبذلك يكون المحقق قد أخرج من الظل كتاب السكيرج الذي كان متداولا فقط بنسختيه المخطوطتين لدى محمد داود و أحمد الرهوني. إن الإشارة الصريحة للمخطوط كانت لأول مرة لعموم القراء جاءت في كتاب دليل مؤرخ المغرب الأقصى لعبد السلام بن عبد القادر بن سودة المري المطبوع في تطوان سنة 1950 ,في القسم الأول المخصص للكتب الخاصة بالمدن و البقاع صفحة 76 حيث أشاربالحرف:127- نزهة الأخوان و سلوة الأحزان في الأخبار الواردة في بناء تطوان و من حكم فيها و تقرر من الأعيان –لأبي محمد عبد السلام بن أحمد السكيرج التطواني المولد سنة 1145 ه تقريبا موافق سنة1732 و المتوفى سنة 1250 ه موافق 1834 يقع في عدة كراريس يوجد منه نسخة عند الأخ محمد داود التطواني كما أخبرني شفاهيا.) غير أن بن سودة في ذات الفقرة يقول أن صاحب الإتحاف نقل عنه في الصفحة 48 من الجزء الخامس ,وبعودتي للنسخة المذكورة الطبعة الثانية لعام 1990 وهي نسخة مصورة للطبعة الأولى لم أجد صحة لما قاله بن سودة المري. لعل أول من عرف بالمخطوط و فصل فيه دراسة وتحليلا هو محمد داود في الجزء الأول من كتابة تاريخ تطوان من ص 47 وما ولاها ,غير أن المقال المنشور للدكتور عبدالله المرابط الترغي تحت عنوان النشاط الثقافي في تطوان أواخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر كما يصوره الشيخ السكيرج في تاريخه لتطوان خير من قدم لهذا المخطوط وصفا و تحليلا و تعريفا و سوف أحيل عليه ما سأذكره في هاته الفقرة : يعتبركتاب النزهة للسكيرج أول تاريخ بلداني لمدينة تطوان, و هو بالأساس يتناول فيه المؤرخ ثلاثة مواضيع : - الأخبار الواردة في بناء تطوان - من حكم فيها من الولاة - من تقرر فيها من الأعيان من العلماء و غيرهم فالكتاب يتناول مرحلة التأسيس لمدينة تطوان و تواريخ الحكام الذين تداولوا حكم تطوان حتى تاريخ تدوينه,ثم يعرف بعد ذلك برجالها و صلحائها و علمائها. و يضيف الدكتور الترغي أن الكتاب في أصله كما تذكر المصادر يتكون من سفرين كبيرين مجموع صفحاته 500 صفحة و نسخته الأصلية كانت في طنجة بمكتبة الشيخ العلامة محمد بن العياشي السكيرج صاحب مخطوط رياض البهجة في أخبار طنجة و ما بقي من مخطوط السكيرج أربع قطع صغيرة وهي: -القطعة الأولى : من أول الكتاب و تنقطع عند الحديث على ترجمة الباشا أحمد الريفي و صراعه مع عمر لوقش و تضم 35 صفحة. -القطعة الثانية :و تبدأ بالحديث عن والي تطوان الزجال عبد الكريم بن زاكور و تشمل أيضا هاته الفقرة عرض لمشيخة السكيرج و تضم40 صفحة و 13أخرى تتمة لها من نسخة داود و هي أكبر القطع الموجودة لهذا الكتاب. -القطعة الثالثة:و تتعلق بالتعريف ببعض علماء تطوان و صلحائها ,,وهي قطعة مبتورة الطرفين تبتدئ من منتصف ترجمة الشيخ علي بركة و لم تستوفي عددا مهما من تراجم رجال تطوان و تتكون من 20 صفحة -القطعة الرابعة: و هي قطعة صغيرة من ثمان صفحات مبتورة الأول و الأخير يجمع فيها المصنف أخبار تطوان بشكل مختصر قراءة في الكتاب المطبوع: بدأ محقق الكتاب بتقديم يعرف بالسكيرج معتمدا على مخطوط عمدة الراويين السفر السادس الذي كان مايزال مخطوطا زمن التحقيق 2005 حيث نشر الجزء السادس السالف الذكر العام الموالي 2006 يقدم من خلاله سيرة ذاتية مطولة أوردها الرهوني عن السكيرج .وعند الرجوع للمرجع المذكور المطبوع نجد أن الرهوني أفرد للسكيرج من صفحة56 إلى 62 و هو جل ما نقله المحقق إحالة عليه. واختصارا لماورد عن سيرة السكيرج :هو أبو محمد عبد السلام بن أحمد السكيرج كان مشتغلا بالعدالة –عدلا- توفي العام 1250ه عن سن تناهز المائة كان جيد الخط حسن الثوثيق و ينتمي لاسرة عربية أندلسية استقر جزء منها في تطوان و فاس. ثم انتقل المحقق إلى ذكر شيوخه في مدينة تطوان و الذي ذكرهم بنفسه في مخطوطته ومن أبرزهم عبد الرحمان الحايك ت 1237ه وكان عددهم جملة29 شيخا في تطوان وواحد في طنجة و ثلاثة بفاس.ثم تطرق المحقق لعلمه و مؤلفاته حيث تعتبر نزهة الأخوان من أهم ما صنف السكيرج.وحاول المحقق إثباث مصادر الكتاب التاريخية لدى السكيرج مستطردا ما كتبه عنه الرهوني صفحة56 من الكتاب المطبوع أن نزهة الأخوان :قد أجاد فيه و أفاد بل و انفرد بأخبار هذه المدينة دون من تقدمه أو تأخرعنه من النقاد.ا.ه واعتمد السكيرج على التراكمات التي توافرت لديه من الروايات الشفاهية وكان والده و شيخه الحايك من أهم من نقل عنهم. بعد ذلك انتقل المحقق لإبراز كتاب نزهة الأخوان في نصوص المؤرخين و أهميته حيث ساق قول محمد داود عن الكتاب في كتاب تاريخ تطوان ص 48 قوله:وقد ألف السكيرج في تاريخ تطوان كتابا فيه فوائد تاريخية لم توجد في غيره وعنه نقلها من كتب عن تطوان إلا أن فيه معلومات خرافية خيالية ولغته بسيطة وفيه ألفاظ و تعبيرات عامية و جمل كثيرة مكررة مما يدل على أن صاحبه لم ينقحه تنقيحا,,,,)ا,ه ثم يستطرد قائلا في حقه: (فالظاهر أنه يقع في جزء واحد صغير الحجم ولم أقف على نسخة كاملة منه حتى الآن و قد أثبث شيخنا الرهوني في تاريخه جل ما احتوت عليه الأوراق الموجودة في هذا الكتاب) .ا.ه كلام داود.ثم أضاف قوله عن حجم الكتاب :( بل هو في جزأين كل جزء من المربع لا يقل عدد أوراقه عن 250 صفحة قال من كان يملكه و اختلس من خزانته محمد بن العياشي السكيرج ,,,).و أوضح المحقق شهادة المؤرخ بن عزوز حكيم أن الترجمان الأسباني في الإقامة العامة زمن الحماية الأسبانية كليمنطي سيرديرا clemente cerdera كان قد ترجم كتاب نزهة الأخوان إلى الأسبانية حيث وقف بن عزوز حكيم على الترجمة المذكورة في الأرشيف الأداري العام بمدريد . و في نهاية تقديمه للكتاب المطبوع, أوضح المحقق أنه اعتمد على نسختين في التحقيق و هما نسخة الفقيه الرهوني و التي ذكرها تلميذه داود في كتابه: ) وهي نسخة أستاذنا الرهوني و قد كتبت بخطوط مختلفة منها الجيد و الرديئ المصحف الذي لا يكاد يقرأ) وتسمى ب نسخة الرهوني لأنها كانت في ملكه زمن حياته.و هي عارية من تاريخ النسخ و أسماء الناسخين و اعتمد على نسخة ثانية هي نسخة داود نسخها من الأولى و هي نسخة غير تامة و عارية أيضا من تاريخ النسخ. ثم استطرد المحقق طريقته في التحقيق مبينا أنه اعتمد نسخة الرهوني باعتبارها أصلا لنسخة داود مستأنسا بالأخيرة لكون داود حجة و لا يضاهى في تاريخ تطوان.وحاول المحقق حسب قوله أنه حاول قدر الأمكان, عدم التدخل في النص على الرغم مما يجده من ركاكة التعبير و ميلها إلى اللسان العامي الذي عرف به السكيرج. بعد التقديم انتقل المحقق ابتداءا من الصفحة 41 إلى نشر المخطوط المحقق معنونا ب – نزهة الأخوان في أخبار تطوان لسيدي عبد السلام سكيرج التطواني رحمه الله- .بعد الحمدلة أوضح السكيرج دواعي تأليف مصنفه و تحقيق رغبة من طلب منه جمع أخبار البلدة التطوانية, ومن حكم فيها و ذكر الأولياء و العلماء, وأوضح المصنف خطته في كتابة مصنفه حيث قسمه و فصله إلى فصول ثلاث, مبتدئا ببناء المدينة و ما والاها من الأخبار, مستهلا بأصل تسمية المدينة الذي يعود للغة البربرية ف (تيط)هي العين و (وان) هي انظر أي (ياحارس) و رجح تاريخ البناء للعام888 للهجرة.بعدها انتقل السكيرج إلى سرد تاريخ المدينة بالطريقة الحكائية المعروف بها لذكر وصول محمد بن علي المنظري الأندلسي الأصل الشفشاوني الدار إلى مدينة تطوان حيث بنى أسوار المدينة و كان قبل ذلك قد بنى مدينة شفشاون ب 17 سنة, و ذكر في سياق كلامه عن تفصيل بناء أولى الأحياء بالمدينة التطوانية.ثم انتقل المصنف لذكر أخبار علي بن مسعود الجعيدي و بناؤه سماط العيون و المسجد به و اتمام البناء به العام 1030 للهجرة بعدما كان قد شرع في البناء السنة 1011 للهجرة.بعدها تحدث السكيرج عن مصادر ماء تطوان و طرق وصوله إلى الدور و المساجد.( و هي شبكة المياه القديمة التي يعود تاريخها للقرن السادس عشر و التي تعرف بالسكوندو و قد صنفتها منظمة اليونسكو ثراثا عالميا العام 1997.) يتحدث السكيرج مواصلا في مصنفه عن تولية بعض القادة المتعاقبين على حكم المدينة ووصول آل النقسيس بقيادة محمد النقسيس العام 1050 للهجرة و تعاقب الأخوة على حكم تطوان حتى نهاية حكمهم على يد السلطان أسماعيل بعد مهربهم لسبتة بعدها بدأ مؤرخ تطوان الأول في الحديث عن تولية الباشا أحمد الريفي, و ذكر تفصيل أخبار وصول أسرة آل ريفي للحكم في عهد السلطان إسماعيل و ساق حديثه كعادته بمزيد من الحكايات منها الخرافية, عن القائد علي بن عبد الله الريفي القائد الشهير في الدولة الإسماعيلية.إلى أن وصل بحديثه عن ابنه الباشا أحمد بن علي الريفي و الأحداث البارزة التي حدثت في تطوان بعد وفاة السلطان إسماعيل و صراع التطوانيين بقيادة عمر لوقش مع الباشا أحمد و مصرعه في عيطت السبت – و الجدير بالذكر أن السكيرج ولد زمن الصراع الذي بدأ من العام1728 لسنة 1743 و بذلك نجد المصنف يعتمد على رواية والده في هذا الباب و قد ساق أخبارا انفرد بها عن الفترة الأكثر غموضا في تاريخ المغرب وهي الفترة التي أعقبت وفاة السلطان إسماعيل حتى نهاية حكم الريفيين على بلاد الهبط –الشمال-. ثم انتقل المؤرخ لذكر تولية عمر لوقش, و صراعه مع الباشا أحمد الريفي و تولية محمد تميم و فصل طويلا ماكان من أحداث في سرد الأحداث التاريخية و قبل ختام فصله عرج لذكر بقية الحكام, محمد لوقش و محمد عاشر و عبدالكريم لوقش .... وغيرهم ,ثم بدأ المصنف كلامه عن قضاة تطوان بذكر أسمائهم و أسباب توليهم خطة القضاء. في الفصل الثاني الذي خصصه السكيرج لذكر العلماء الذين لقيهم, مفتتحا بشيخه عبد الرحمان الحايك ,و كان جملة العلماء الذين أخد عنهم29 عالما وشيخا كان المحقق في مقدمته قد أشار إليهم جميعا في صفحة 15 من الكتاب . أما الفصل الثالث فخصه السكيرج لصلحاء تطوان ممن لم يدخلوا في مشيخته سواء الذين عاصرهم أو الذين لم يدركهم زمن حياته. يتضح في نهاية الكتاب لملمة بعض الفقرات للفصول الثلاث و هي أشارة واضحة للقطعة الرابعة التي ذكرها:[ الدكتور الترغي في مقاله المشارإليه سابقا,حيث نجد أن المحقق أضافها للنص المطبوع من نسخة الرهوني التي اعتمدها في تحقيقه دونما أن نغفل أن نسخة داود بها نقص عن النسخة المنقول عنها في أصل الرهوني و إشارة عبد الله الترغي للنسخة التي بين يديه و التي بنى عليها مقاله المنشور سنة1994 هي نسخة الفقيه محمد بوخبزة التي لم يعرف مصدرها الدكتور الترغي .ومن خلال قراءتي المتمعنة في الكتاب المطبوع اتضح لي أن المحقق اعتمد نسخة الرهوني و التي لم يطلع عليها الدكتور الترغي آنذاك ,و أوضح المحقق يوسف احنانة أن نسخة الرهوني بحوزة عائلة اللواجري ,فيظر جليا وواضحا أن نسخة محمد بوخبزة هي منسوخة من نسخة الرهوني ,كون الترغي وضع دراسة للنسخة التي كانت بين يديه ,و حيث جاء النص المنشور مطابقا لما قاله الدكتور عبدالله الترغي و بين تاريخ نشر المقالة و نشر المخطوط 11 سنة .أجزم أن نسخة محمد بوخبزة و أحمد الرهوني متطابقتين كون نسخة داود مبتورة و مختلفة في نهايتها عن نسخة أستاذه الرهوني.] قضاة تطوان و فذلكة حكام تطوان ووصف البلدة و حصار السلطان سليمان لتطوان العام 1235 للهجرة ,ثم ذيل بفقرة تواريخ لها علاقة بتاريخ تطوان ساقها بالترتيب الزمني –الكرونولوجي- تؤرخ لأحداث تاريخية محلية منهيا لائحته بتواريخ وفاة الصالحين . و بذلك ينهي المحقق نص السكيرج مبتدئا من الصفحة 41 إلى الصفحة139 من الكتاب المطبوع. كما قام المحقق بوضع فهرس في نهاية الكتاب قسمه إلى قسمين :فهرس الأعلام و فهرس الأماكن ,و ختم كتابه ببيوغرافية المصادر و المراجع التي ركن إليها في التحقيق. مآخد الكتاب المطبوع : لعل وصول مخطوط السكيرج إلى عموم الباحثين و المهتمين و الدارسين و المثقفين خطوة أسهم فيها المحقق بتفطنه بحاجة المكتبة التاريخية, لمثل هاته المصادر التاريخية المغربية وبصدور مخطوط السكيرج و من قبله عمدة الراوين للرهوني و كتاب داود كموسوعة ضخمة حول تاريخ تطوان و الذي يعد أكبر كتاب في المغرب في التاريخ البلداني مطلقا وثالث كتاب تاريخي بلداني يصدر في المغرب في حياة مؤلفه بعد كتاب السلوة الذي طبع على الحجر بفاس للكتاني سنة 1897 و كتاب الإتحاف لابن زيدان المطبوع سنة 1929 بالرباط ,تكون المصادر التاريخية لتطوان قد رأت النور جميع معززةا المكتبة التطوانية بكونها الأنشط على صعيد المغرب. لقد حققت المكتبة التطوانية مكسبا هاما خلال العقد الأخير من خلال إصدار مصدريين من مصادر التاريخ البلداني و هما كتابا الرهوني و السكيرج. غير أن المحقق أغفل بعضا من أساسيات التحقيق بكونه وضع النص تحت الطبع دونما الإشارة إلى بعض الأسس و القواعد المتبعة في نشر المخطوطات التي تنشر لأول مرة,و هو تغافله إعطاء وصف دقيق للنسخة التي اعتمدها حجم الصفحة ومقاسها عدد الأسطر في كل صفحة بالدقة حتى يتسنى للباحثين معرفة أدق حول المخطوط المنشور ,و عندما أدرج النص المحقق في الكتاب لم يضع بين معقوفتين[ ] لتعليم رقم الصفحة من النص الذي اعتمده ,مما يعيق الباحثين و الدارسين لمعرفة النسخة المتداولة جيدا, مما سيضطرهم دائما بالضرورة للبحث عن النسخة الأصل كلما أرادوا دراسة مخطوط السكيرج كما أن عدم نشر تلك التفاصيل ليعيق في إيجاد القطع الأخرى المفقودة .